وفي ولد أبي طالب- أيضا- أعجوبة أخرى، وذلك أنه لم يوجد قط في أطفالهم طفل يحبو، بل يزحف زحفا لئلا ينكشف منه عن شيء يسوءه. ليكون أوفر لبهائه، وأدل على ما خصوا به.
ولهم من الأعاجيب خصلة أخرى: وذلك أن عبيد الله بن زياد قتل الحسين في يوم عاشوراء، وقتله الله يوم عاشوراء في السنة الأخرى.
وقالوا: لا نعلم موضع رجل من شجعان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان له من عدد القتلى ما كان لعلي رضوان الله عليه، ولا كان لأحد مع ذلك من قتل الرؤساء والسادة، والمتبوعين والقادة، ما كان لعلي بن أبي طالب. وقتل رئيس واحد، وإن كان دون بعض الفرسان في الشدة، أشد؛ فإن قتل الرئيس أرد على المسلمين وأقوى لهم من قتل الفارس الذي هو أشد من ذلك السيد.
وأيضا- أنه قد جمع بين قتل الرؤساء وبين قتل الشجعان.
وله أعجوبة أخرى؛ وذلك أنه مع كثرة ما قتل وما بارز، وما مشى بالسيف إلى السيف، لم يخرج قط ولا جرح إنسانا إلا قتله، ولا نعلم في الأرض متى ذكر السبق في الإسلام والتقدم فيه، ومتى ذكر الفقه في الدين، ومتى ذكر الزهد في الأموال التي تشاجر الناس عليها، ومتى ذكر الإعطاء في الماعون، كان مذكورا في هذه الحالات كلها- إلا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.
قالوا: وكان الحسن يقول: قد يكون الرجل عالما وليس بعابد، وعابدا وليس بعالم، وعابدا وليس بعاقل، وعاقلا وليس بعابد. وسليمان ابن يسار عالم عاقل عابد، فانظر أين تقع خصال سليمان من خصال علي بن أبي طالب رضى الله عنه.
Shafi 109