Takarduna … Rayuwata
أوراقي … حياتي (الجزء الأول)
Nau'ikan
كلمة «الحب»! كنت أنشدها مع البنات، لا نكف عن الغناء في ضوء القمر، فكيف تحولت إلى أربعة جدران سوداء داخل مطبخ في بيت آيل للسقوط «بيت الزوجية»؟ «الطب» أيضا كان مثل كلمة العلم والفن والأدب، أحلم بها مثل عصفورة تحلم بالطيران، كيف تحولت إلى ما يشبه السلاسل تشدني إلى الأرض أو تحت الأرض؟
منذ ولدت حتى بلغت الستين من عمري، وأنا أعيش في مصر، أحاول أن أتذكر يوم مولدي، لا أذكر شيئا سوى أنني ولدت «أنثى».
فسمعت من الناس أن الله هو الذي يخلق الأنثى والذكر، سمعت أنه قبل زمن طويل كانت البنت تدفن في القبر وهي طفلة، ثم نزلت آية في القرآن تقول:
وإذا الموءودة سئلت * بأي ذنب قتلت .
كان يمكن أن أكون ضمن هؤلاء الموءودات لو أنني ولدت في ذلك الزمان، هكذا سمعت من الناس وأنا في الرابعة من العمر.
الزمان الذي ولدت فيه كان أفضل، لم يكن يحدث شيء حين تولد الأنثى؛ فقد يصيب الناس الحزن، لكن الحزن أخف من الوأد؛ فقد ينطوي الحزن على رغبة مخبوءة في الوأد، إلا أنه يظل حزنا لا غير، يظل شيئا طافحا فوق الوجوه، لونا قاتما يخفي الشيء الكظيم.
في أول أيام الولادة لا تشهد المولودة هذا الحزن، عيناها المفتوحتان لأول مرة على العالم بريئتان صغيرتان عاجزتان عن رؤية المخبوء.
كنت أنا واحدة من هؤلاء البنات المولودات، لم أر المشهد بعيني رأسي، ضاعت الصورة الأصلية من ذاكرتي، أسترجعها عن طريق الخيال، أجمع في خيالي الكلمات التي سمعتها من جدتي وأنا في الخامسة من العمر لأرسم المشهد الحزين لأول مرة خرجت فيها من بطن أمي ... •••
أول خيوط الفجر تلك الليلة من أكتوبر، قبل أن تخرج الشمس إلى الأرض المحددة على الخريطة بنقطة صغيرة لا تراها العين، فوق الخط الرفيع كالشعرة يشق الصحراء من الجنوب إلى الشمال تحت اسم النيل، ومع الدقة الرابعة المتحشرجة كالنفس الأخير لساعة الحائط، انطلقت الصرخة من فوق السرير النحاسي الأصفر ذي الأعمدة الأربعة، صرخة واحدة لامرأة في المخاض، تبعها صمت طويل ثقيل كأنما ماتت الأم والمولود معا.
توقفت الأنفاس في حلوق الحشد المجتمع في الصالة الخارجية، عائلة شكري بيه سليلة المجد حتى طلعت باشا في إسطنبول، وعائلة السعداوي من «كفر طحلة» بالوجوه الكالحة المتربة، والأقدام الحافية المشققة، رائحة العرق والطين في الجلاليب البالية تختلط برائحة العطور الفرنسية في الفساتين الحريرية الهفهافة، والبدل الإفرنجية من الصوف الإنجليزي تفوح برائحة الويسكي أو الدخان المتصاعد من البايب.
Shafi da ba'a sani ba