247

Takarduna … Rayuwata

أوراقي … حياتي (الجزء الأول)

Nau'ikan

لدينا حكومة تتحدث عن الانفتاح والتعددية والشرعية، ولدينا حكومة أو حكومات أخرى تعتقد أن أعظم مظاهر الديموقراطية والتعددية والشرعية هي تطبيق القانون العثماني أو على أحسن الفروض مبادئ الحكم المملوكي.

ولا يستطيع أحد أن يشكل جمعية لممارسة أي نشاط اجتماعي (دعك من النشاط السياسي) إلا بعد إجراءات وتحريات تستدعي تدخل الأمم المتحدة وربما قوات «الحلفاء» الراشدين لدى صاحبة العظمة وزارة الشئون الاجتماعية.

ويبدو أن الوازرة وافقت في ظروف دولية غير مواتية على تسجيل جمعية تضامن المرأة (المصرية) كما سجلت إدارة الهيئات الدولية بوزارة الخارجية المصرية جمعية أخرى دولية بنفس الاسم ذات وضع استشاري في المجلس الاقتصادي الاجتماعي بالأمم المتحدة.

وما إن بدأت تباشير النظام العالمي الجديد حتى رأت وزارة الشئون الاجتماعية والسيد نائب محافظ القاهرة للمنطقة الغربية أن الفرصة أصبحت مواتية لتأديب رئيسة الجمعية المصرية الدكتورة نوال السعداوي، والخلط بين الجمعيتين ومصادرة ممتلكاتهما وتسليمهما إلى «محتسب» موظف في وزارة الشئون يرأس هو نفسه جمعية نسائية، مع الاحتفاظ له شخصيا بعشرة في المائة من هذه الممتلكات جزاء المشقة التي سيعانيها في عملية الاستيلاء على أموال الغير.

ونشر نائب المحافظ بيانا يعتمد فيه على بلاغ لسيدة تزعم فيه أن الجمعية المصرية تحتفظ في بنك مصري بأموال أخرى لم تبلغ عنها، وهي في الحقيقة أموال الجمعية الدولية، وزعم المسئول أنه راجع وزارة الخارجية فأبلغته أنها لا تعرف شيئا عن الجمعية الدولية، مع أن لها ملفا منذ تسجيلها في الأمم المتحدة. والمدهش هو أن رجالا مسئولين يعتقدون أن من يريد إخفاء أموال عن مراقبة وزارة الشئون الاجتماعية يقوم بإيداعها في بنك مصري باسم الجمعية في عاصمة مصر، مع أن تهريب مثل هذه الأموال يمكن أن يتم بغاية اليسر إلى بنوك في الخارج لو كان لما يزيد على 100 مليار دولار في الخارج، والأكثر إثارة للدهشة هو أن السيد نائب المحافظ استفسر عن حقيقة الجمعية في وزارة الخارجية؛ فعرف منها أنه ليست هناك جمعية بهذا الاسم رغم الوثائق الرسمية التي تقدمها الدكتورة نوال السعداوي.

ولما كان من المستحيل أن تجهل إدارة الهيئات الدولية بوزارة الخارجية المصرية اسم جمعية دولية ذات ملف رسمي لديها؛ فقد يكون سؤال محافظ القاهرة عن طريق الخطابات الرسمية المعروفة قد وجه إلى وزارة أخرى أو ربما لوزارة الخارجية في عاصمة أخرى ... أو ربما لم يستدل مندوب المحافظة على عنوان وزارة الخارجية كما حدث منذ أسبوعين عندما سجل أحد «المحضرين» على إنذار موجه لوزارة الصناعة لتنفيذ حكم لصالح عمال المحلة، بأنه لم يستدل على عنوان وزارة الصناعة بالقاهرة.

وهكذا استطاعت وزارة الشئون مع السيد نائب المحافظ أن يعيدا إلى ذاكرة المصريين والقاهرة بعض تقاليد مصر الزاهرة في عصور العثمانيين والمماليك حتى لا يتوهم أحد أن مبادئنا السياسية والاجتماعية تنبع من خارج بلادنا في قضية إنشاء الجمعيات بالذات.

وهذا عمل من جلائل الأعمال يمكن أن يبعد الناس - ولو لأيام معدودة - عن مناقشة أمور كئيبة مثل الارتفاع الصاروخي للأسعار وضريبة الرأس (أو المبيعات) وما يتعرض له العرب من الخليج إلى المحيط دون استثناء، من إذلال وإهانة لم يسبق لهما مثيل.

وفي جريدة الأخبار يوم 17 أغسطس 1991 كتب صلاح حافظ تحت عنوان: وزارة «الجماعات»:

عندي «للإسلاميين» في مصر خبر سعيد:

Shafi da ba'a sani ba