239

Takarduna … Rayuwata

أوراقي … حياتي (الجزء الأول)

Nau'ikan

بعد هزيمة عام 1967 لم يعرف أحد سبب الهزيمة، امتلأت الصحف بالأكاذيب. جاءتني رسالة من رجاء الشاعر، يقول فيها: أعيش في باريس مع أديب من سوريا وشاعر من العراق، لم يعد الوطن العربي يحتمل وجود الشعراء والأدباء، نتابع هنا ما يحدث في بلادنا. ما حدث في مصر يوم 5 يونيو ليس نكسة بل هزيمة كبرى، خططت لها الولايات المتحدة مع إسرائيل، أبلغوا الاتحاد السوفييتي كذبا أن إسرائيل تستعد للهجوم على سوريا، أبلغت موسكو هذا الخبر إلى القاهرة، قام عبد الناصر بتهديد إسرائيل إذا اعتدت على سوريا. كانت الخطة هي استدراج مصر إلى الحرب. لم يكن جمال عبد الناصر مستعدا للحرب، لكن المستشارين الأمريكيين في الجيش المصري غرروا به، شجعوه على طرد القوات الدولية من شرم الشيخ، خرجت القوات الدولية بسرعة دون اعتراض. الثالوث المشارك في الخطة: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، ألا يذكرك هذا بالاعتداء الثلاثي على مصر عام 1956، ورابعهم إسرائيل؟! ما إن خرجت القوات الدولية من شرم الشيخ حتى بدأت إسرائيل هجومها على مصر، ضربت الطيران المصري كله وهو نائم فوق الأرض صباح يوم 5 يونيو 1967، واحتل الجيش الإسرائيلي سيناء بالكامل.

وفي عام 1973 جاءتني رسالة من رجاء الشاعر، يشرح لي كيف وقعت الثغرة في حرب أكتوبر 1973، وخسائر الجيش المصري. كانت الصحف تنشر الأكاذيب ولا أحد يعرف الحقيقة. كتب رجاء الشاعر يقول: لعبت الولايات المتحدة الأمريكية دورا مشابها لما حدث في حرب 1967، أقنعت أنور السادات أنه يمكن أن يحرك القضية السياسية بمعركة عسكرية محدودة، لكن الجيش المصري بعد أن أسقط خط بارليف أراد أن ينطلق إلى المضايق ومنها إلى تل أبيب، هنا أصدر السادات أمرا بإيقاف النار، انتهز الجيش الإسرائيلي هذه الفرصة وطوق الجنود المصريين، هكذا وقعت الثغرة.

أعقب هذه الهزيمة استدراج السادات لتوقيع المعاهدة مع إسرائيل في كامب ديفيد عام 1976، أكبر مسمار في نعش الوحدة العربية. وجاءت حرب الخليج عام 1991 لتمسح من الخريطة اسم العالم العربي، وتضع بدلا منه اسم الشرق الأوسط تحت سيطرة إسرائيل.

منذ تزوجت شريف عام 1964 لم تكف الحكومة عن مطاردتنا، حصل شريف على عمل في الهند وغادر مصر عام 1973. عاش وحده في المنفى أربعة أعوام، أغرق نفسه في العمل والكتابة وأحب الهنود. بقيت في مصر لأرعى الابنة والابن، يرتبطان بحياتهما في المدرسة، الزملاء والزميلات والأهل والأصدقاء والصديقات، لم يكن لنا أن نخلعهما من جذورهما في هذه السن المبكرة ليعيشا الغربة.

ثم انتقل شريف إلى أديس أبابا في الحبشة، عاش ثلاثة أعوام أخرى في المنفى، لم يعد إلى مصر إلا عام 1980، قبل أن يكسر رجال البوليس باب بيتنا ويأخذوني إلى السجن يوم 6 سبتمبر 1981.

بعد خروجي من السجن بدأت النساء والشابات يترددن على بيتي في الجيزة، ظهرت في الأفق فكرة إنشاء جمعية تضامن المرأة العربية، تكونت النواة الأولى من مائة وعشرين امرأة من ثمانية بلاد عربية منها مصر. أصبح شعارنا: رفع الحجاب عن العقل، المعرفة قوة، والتضامن بين النساء قوة.

في عام 1982 بدأنا نؤسس الفرع المصري تحت اسم الجمعية الأم، وقفت الحكومة المصرية ضدنا ثلاثة أعوام، وصلني خطاب في 19 أغسطس 1983 بشعار الدولة النسر، يقول الآتي بالحرف الواحد:

تقرر رفض تسجيل جمعية تضامن المرأة العربية لعدم موافقة مباحث أمن الدولة، بعد الاطلاع على رد مديرية أمن القاهرة، إدارة البحث الجنائي قسم مكافحة جرائم الآداب العامة.

أرسلت صورة من هذا الخطاب إلى جميع الصحف في مصر، أردت أن أكشف كيف تتعامل الحكومة مع المواطنات من الشعب، كيف تنتهك الحكومة القانون والدستور تحت اسم مكافحة جرائم الآداب العامة. بدأت حملة صحفية ضد وزارة الشئون الاجتماعية، قادها كبار الصحفيين من اليمين واليسار ومن الحكومة أيضا. جريدة الأخبار من أكبر الصحف الحكومية في مصر، مصطفى أمين من أكبر الصحفيين المصريين، يكتب عمودا يوميا في جريدة الأخبار تحت عنوان «فكرة»، يوم 23 أكتوبر 1983 نشر ما يأتي بالحرف الواحد:

فكرة!

Shafi da ba'a sani ba