Takarduna … Rayuwata
أوراقي … حياتي (الجزء الأول)
Nau'ikan
أنهض من السرير وأمشي في الظلمة، على أطراف أصابعي أمشي حتى لا يشعر بي شريف، أسير إلى الشرفة، نحن في الدور السادس والعشرين، في القرن الواحد والعشرين، أمد قدمي إلى السور وأقفز في الهواء.
ثم أفتح عيني، أرى جسمي ممدودا فوق السرير، إلى جواري القلم والصفحة البيضاء، تعلوها خطوط متعرجة بلا كلمات، بلا عبارة واحدة ذات معنى.
يفتح شريف عينيه، يراني صاحية شاخصة إلى السقف. يربت على كتفي: نامي يا نوال. أهمس بصوت خائر: تفتكر يا شريف إن فيه تناقض بين الزواج والإبداع؟ يضحك شريف، جايز يا نوال ... لكن خلاص نعمل إيه بعد خمس وثلاثين سنة؟! •••
الكتابة في حياتي كانت تأخذني إلى بئر عميقة في بطن الأرض، إلى مكان يخلو من البشر، إلى مساحة لا يشاركني فيها أحد، لا أسمع صوتا، لا شيء يتحرك، صمت مطبق كالموت. كنت أحمل قلمي وأوراقي وأغادر البيت، أمشي وأمشي دون توقف، أتلفت حولي كأنما أبحث، أتطلع إلى الأرض والسماء والبيوت والشوارع والعمارات والأزقة، أبحث عن شق أهرب فيه، أختفي داخله وأغلق ورائي سبعة أبواب، لا يكفي باب واحد لطرد الأصوات، أبحث عن الصمت داخل الصمت. أتلفت حوالي لا أعرف إلى أين أذهب، أسير بحذاء نهر النيل، أتوقف لحظة أحملق في المياه، أمد قدمي فوق السور وأقفز.
أصحو من النوم مبللة بالعرق، الأوراق مبعثرة فوق السرير، والقلم في يدي، إلى جواري رجل نائم.
النتيجة فوق الجدار مكتوب عليها التاريخ، اليوم والشهر والسنة، أحملق في الرقم 1956، هل عادت عقارب الساعة إلى الوراء أربعة وأربعين عاما وأنا غارقة في النوم؟ الرجل النائم يفتح عينيه، الظلمة شديدة لا أرى من ملامحه إلا العينين، من خلال الضباب الأسود يبرز الأنف، عظمة كبيرة تتوسط الوجه مقوسة قليلا، تحت الأنف شارب أسود كبير.
لا شيء ينفرني في الرجال مثل الشعر فوق وجوههم، يذكرني بالفصائل السابقة لنشوء الإنسان.
كان نائما على جنبه الأيسر، ظهره ناحية الحائط، وجهه ناحيتي، التاريخ فوق الحائط يشير إلى عام 1956، قشعريرة باردة تزحف إلى جسدي، ذاكرتي تعود إلى السطح بالتدريج، أخرج من بطن الأرض جزءا جزءا، أصحو فوق شيء يهتز، جفوني ثقيلة أفتحها بصعوبة، التاريخ فوق الحائط ثابت عند عام 1956، النافذة مفتوحة بدون زجاج ولا شيش، الهواء البارد ينفذ إلى جسدي، وأنا راقدة فوق ظهري، أسناني تصطك، أرتجف بالحمى، في حلقي غصة وفي أنفي رائحة دم، عيناي تدوران فوق الجدران، المكان غريب لم أره من قبل، الحائط بلا طلاء لونه أسود تعلوه بقع أكثر سوادا، الشقوق في الجدران تشبه الشقوق في الأرض، يتدلى من السقف سلك كهربي مات فوقه ذباب أسود. عيناه مغمضتان والزمن لا يتحرك، التاريخ ثابت عند عام 1956، بالضبط يوم 23 يوليو 1956، أشد جفوني لأصحو، عيناي مفتوحتان من قبل، لم أغمضهما لحظة واحدة طول الليل، كنت أفكر في الهروب، كيف أهرب وإلى أين؟
الليل كان طويلا بلا نهاية، مسمار في الحائط يتدلى منه معطف أبيض تعلوه بقعة دم، حقيبة صغيرة من الجلد الأسود، ملقاة في وسط الغرفة، من حولها تبعثرت أدوات طبية، سماعة لها خرطوم أسود طويل، حقنة لها إبرة طويلة، أربطة شاش وقطن، وصورتي فوق بطاقتي ممزقة ومعها اسمي.
لا يزال نائما على جانبه الأيسر، وجهه ناحيتي، ذراعه اليمنى ممدودة فوق السرير. كنت أترك مساحة كبيرة بيننا، مسافة طويلة أطول من ذراعه الممدودة، يده ضخمة كبيرة، أصابعه غليظة، لم أر في حياتي أصابع غليظة بهذا الشكل. أتلفت حولي أبحث عن مكان الباب، الظلمة شديدة لا أرى الباب، كأنما الغرفة بدون باب، أربعة جدران عالية سوداء، ولا منفذ للهروب.
Shafi da ba'a sani ba