Takarduna … Rayuwata
أوراقي … حياتي (الجزء الأول)
Nau'ikan
كانت بشرتي سمراء بلون بشرة أبي وجدتي الفلاحة، ساورني الهاجس: أيقلب الله بشرتي فتصبح بيضاء بمثل ما يقلب أمي لتصبح عذراء؟
استمر البحث طويلا دون جدوى، لم أعثر في الجنة على حقوق للنساء إلا حديث لأحد الفقهاء يقول: «ليس للمرأة في الجنة إلا زوجها.»
إذن لا بد لأمي أن تنتظر في قبرها حتى يموت أبي، لا يزال أبي مملوءا بالقوة والصحة، جسمه ممشوق كما كان، خطوته فوق الأرض لم تتغير، أصابه الحزن بعد موت أمي، ارتدى ربطة عنق سوداء، بعد أربعين يوما نزع من عنقه علامة الحداد، بدأ يهتم بهندامه، يقف أمام المرآة يسرح شعره يقصقص شاربه، يضع قطرات ماء الكولونيا تحت إبطه.
في قبرها كانت أمي تنتظره، ليس لها في الجنة إلا زوجها، الإخلاص الزوجي مفروض عليها في الدنيا والآخرة، تصعد أمي إلى الجنة بقلب ثقيل، تجلس وحيدة على السندس الأخضر.
تنتظر موت أبي، مات أبي بعدها بأربعة شهور فقط لحسن حظها، فرحت بموته، أسرعت إليه مفتوحة الذراعين، صوتها يتألق: «أهلا يا سيد أخيرا نجتمع في الجنة.»
هنا أتوقف قليلا لأشرح موقف أبي، إنه رجل صالح مؤمن بالله والرسول، أخلص لأمي في الدنيا رغم أنه له الحق في أربع نساء، ها هو في الجنة له الحق في اثنتين وسبعين عذراء فهل يخلص لأمي؟
لم يكن الإخلاص الزوجي مطلوبا منه في الدنيا فما بال الحياة الأخرى في الجنة؟ وإذا كان الله والرسول قد منحاه كل هذا العدد من الحوريات فلماذا يخلص لأمي؟ وماذا تفعل أمي في الجنة إذا انصرف عنها رجلها الوحيد؟
منذ موت أمي وأنا أكتب القصة، أعطيتها عنوان «ليس لأمي مكان في الجنة»، بعد أن ينصرف عنها أبي إلى العذراوات تفكر أمي في العودة إلى الأرض، ربما تكون الأرض أفضل لها من الجنة، على الأقل كان زوجها مخلصا لا يخونها إلا في الحلم بالجنة.
قرأت القصة في الندوة الأدبية، كل أربعاء كانت الندوة تنعقد في عيادتي بميدان الجيزة، يحضرها عدد من الأدباء والشعراء ، كانت هناك نهضة أدبية في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات مع النهضة السياسية، كنا في ربيع العمر نتغنى بمبادئ الاشتراكية الجديدة، العدل والحرية وتكافؤ الفرص، مجموعة من الشباب والشابات، أطباء وطبيبات، أدباء وأديبات، شعراء وشاعرات، صحافيون وصحافيات، يملؤنا الأمل في المستقبل، شاركنا أيام الدراسة في المظاهرات الوطنية وإسقاط الملكية، إن عهد الجمهورية أمامنا، نشارك في صنعه، لنا دور في بناء المجتمع الاشتراكي الجديد.
كانت الندوات الأدبية لا تكف، نادي القصة في شارع قصر العيني، دار الأدباء، في الصحف والمجلات الجديدة تعقد الندوات، في وسط البلد في شارع شريف كان يحيى حقي يرأس تحرير مجلة أدبية جديدة، اسمها «المجلة» وفي مبنى روز اليوسف أحمد بهاء الدين يرأس تحرير مجلة الشباب الجديدة اسمها «صباح الخير»، وفي عيادتي كل أربعاء يجتمع شمل الأصدقاء والصديقات والزملاء والزميلات في مجال الطب والأدب.
Shafi da ba'a sani ba