ورأيتك يا فجري، وربيعي وشبابي، وحبي فلن أنساك أبدا ...! و«أما قبل ...».
جواب غريب
حدثنا الصديق قال: لما بعثت إليها برسالة (أما قبل) لم يكن جوابها غير أن أهدت إلي كتابا مطبوعا، ولم تزد على أن كتبت على غلافه هذه الكلمة «أما بعد، فإليك يا صديق جواب: أما قبل، والسلام!».
1
قال صاحبنا: فقرأت الكتاب سطوره وبين سطوره ... وأعنت نفسي في تأويل كل عبارة وتعرف سببها الذي أتخيله، وتبين موقعها الذي أتمثله، وجعلت أتوجه بالكلام مستقيما تارة وملتويا، ثم لا أجد الكلمة التي هي من جوارحي، ولا التي يقف عندها قلبي، ولا التي تقول لي أنا من لغتها، ولا الأخرى التي عليها أثر عينيها ... وكنت في كل ذلك أرى الكتاب كأنه بين يدي يموت ويحيا من كثرة ما أقول: ليست هذه بل هذه، ولكن هذه ... وجعلت لا أكاد آنس بكلمة حتى أجد الوحشة في التي إلى جانبها، وقدرت أن الجواب ربما كان جملة قصيرة أو كلمة مفردة، فصدعني ذلك تصديعا ذا فنون وكأن مؤلفة الكتب كانت تعلم من علم الغيب أنها ستضرب بكتابها يوما هذه الضربات على قلب إنسان من الناس، فكانت في تأليف كلامها تصد وتعرض، وفي ترتيب مقالاتها كأنها ترتيب ثورة غيظ من سببها إلى اهتياجها نشأتها إلى عنفوانها.
قال الصديق: ثم كأني كنت دائما في ليل طويل وطلعت على وجهي الشمس ضاحية، فإذا أنا كنت أجتهد في غير طائل، وإذا الجواب في آخر الكتاب صفحات متلاحقة، فضلا عن صفحة، فضلا عن جملة، فضلا عن كلمة؛ فكان هذا من ظرفها ومكرها معا، انتهى.
وهذا نص الجواب:
2
لقد التقينا وسط جماعات المتفقين فيما بينهم للضحك من سواهم حينا، والضحك بعضهم من بعضهم أحيانا.
أنا منهم وإياك غير أن شبهك بهم يسوؤني؛ لأني إنما أقلدهم لأريك وجها مني جديدا؛ وأنت، أتجاريهم بمثل قصدي أم الهزؤ والاستخفاف فيك طوية وسجية؟
Shafi da ba'a sani ba