Awham Caql
أوهام العقل: قراءة في «الأورجانون الجديد» لفرانسيس بيكون
Nau'ikan
38
فالأولى تتعلق بالحديث، والثانية بالعمل، وليس ثمة أي قيمة في التمييزات الشائعة للحركة والتي نلحظها في الفلسفة الطبيعية التقليدية، مثل: الكون والفساد والزيادة والنقصان والتغير والحركة الموضعية، فكل ما تعنيه هو أنه إذا ما تحرك جسم - هو على ما هو عليه فيما عدا ذلك - من مكانه فهذه هي الحركة الموضعية (النقل)، فإذا تغير في الكيف بينما بقي المكان والنوع على حاله فهذا هو «التغير»
alteration . أما إذا نتج من هذا التغير أن الكتلة نفسها وكم الجسم لم يظلا كما هما فهذه هي حركة «الزيادة»
augmentation
و«النقصان»
diminution . فإذا استمر التغير إلى أن تبدل النوع نفسه والجوهر ذاته، فهذا هو «الكون»
generation
و«الفساد»
corruption . ولكن كل هذه أمور معلومة ومبتذلة، ولا تنفذ إلى عمق الطبيعة على الإطلاق؛ لأنها تشكل مقاييس الحركة وحدودها وليس الأنواع المختلفة للحركة؛ فهي تشير إلى «كم» (إلى أي درجة) وليس إلى «كيف» (بأية وسيلة) أو «من أين» (من أي مصدر)، ولا تخبرنا بأي شيء عن نزوع الأجسام أو عن صيرورة أجزائها، بل تحدس فحسب بتقسيم للحركة عندما تظهر هذه الحركة للحواس بطريقة واضحة أن شيئا ما لم يعد كما كان من قبل، وحتى عندما يريدون تفسير شيء ما عن علل الحركات وأن يؤسسوا تقسيما لهذه العلل، فإنهم يضعون تمييزا بين الحركة الطبيعية والحركة العنيفة، وهي نقلة غاية في العقم؛ لأن هذا التمييز هو نفسه مستمد تماما من تصور عامي؛ حيث إن الحركة العنيفة هي أيضا في الحقيقة حركة طبيعية؛ أي علة خارجية تجعل الطبيعة تعمل بطريقة مختلفة عما كانت عليه من قبل.
ولكن لنضرب صفحا عن كل هذا؛ فإذا ما لاحظ أي شخص - على سبيل المثال - أن في الأجسام نزوعا إلى الاتصال المتبادل، بحيث لا تسمح لوحدة الطبيعة أن تنفصم أو تنحطم تماما وللفراغ بالتالي أن يتكون، أو إذا لاحظ أي شخص أن في الأجسام نزوعا إلى استعادة أبعادها أو ضغطها الطبيعي، بحيث إذا ضغطت أو مطت أكثر من ذلك أو أقل جهدت على الفور لاستعادة واسترداد حجمها وامتدادها السابق، أو إذا لاحظ أي شخص أن في الأجسام نزوعا إلى التجمع مع كتل الأشياء التي من صنفها؛ أي نزوع الأجسام الثقيلة إلى الأرض، والأشياء الهزيلة والخفيفة إلى محيط السماء؛ فكل هذه الأشياء وأمثالها هي في الحقيقة أنواع فيزيقية من الحركة، أما تلك الأشياء الأخرى فهي نظرية ومدرسية قلبا وقالبا كما هو واضح جلي من هذه المقارنة فيما بينها.
Shafi da ba'a sani ba