Awham Caql
أوهام العقل: قراءة في «الأورجانون الجديد» لفرانسيس بيكون
Nau'ikan
ويؤخذ على بيكون جهله أو تجاهله لدور التصورات الرياضية والاستدلالات الرياضية في المنهج الاستقرائي، فهو «لم يشر إلى تلك التصورات والاستدلالات في منهجه، وذلك عيب لا يغتفر له، نسي أننا باستخدامنا للمناهج الرياضية في المباحث الطبيعية قد نتنبأ بنتائج تجارب بطريق صوري لم نقم بها بعد، وحين نجري تلك التجارب ونضع نتائجها موضع الاختبار قد نتحقق من صدق التنبؤات، وهذا ما قام به جاليليو إلى جانب اتجاهه التجريبي قبل نشر بيكون الأورجانون الجديد بسنوات. نلاحظ هنا أن جاليليو كان أكثر ثقة بالمناهج الرياضية موضع التحقيق التجريبي؛ سلامة الاستنتاج الرياضي شرط كاف لصدق النتائج، ولا حاجة للملاحظة والتجربة إلا حين تكونان لازمتين.»
9
وعلى الرغم من ذلك فإن علينا ألا ننسى أن بيكون يقدر قيمة الرياضيات في «الأورجانون الجديد»، فبوسع المرء أن يستشف من وراء اهتمام بيكون الزائد ب «الصور» الكامنة في الطبائع الكيفية نوعا من الاتجاه إلى إدراك قيمة الصيغ الرياضية في التعبير عن القوانين النهائية للعالم الطبيعي؛ أعني اتجاها إلى استبدال الكم بالكيف.
10
كما أنه في حديثه عن أوهام السوق يشير إلى أن الخلافات بين العلماء تنحل - بسبب استخدامهم لألفاظ اللغة المعتادة - إلى خلافات حول الأسماء؛ «ولذا فمن الأسلم - اقتداء بحذر علماء الرياضيات - أن نبدأ منها ونضفي عليها النظام باستخدام التعريفات.»
11 «وهكذا فإن التعريف الرياضي في رأيه وسيلة لإضفاء المزيد من الدقة على الأفكار، على حين أن ألفاظ اللغة المتداولة تحول دون التعبير والملاحظات الدقيقة والأفكار المتعمقة. ومن هذا كله يتضح أن بيكون - مع تحمسه الشديد للعلم التجريبي - لم يكن معاديا للرياضيات كما قد يبدو لأول وهلة، وأن انتقاداته للرياضة إنما ترجع إلى حذره من الإفراط في التجريد من جهة، وترجع من جهة أخرى إلى خوفه مما جره المنهج الاستنباطي (عن طريق القياس) من أضرار على العلم، وحرصه على الابتعاد عن كل ما قد يشتم منه شبهة الاستنباط.»
12 (3) بيكون وعلوم عصره
ومن المفارقة أن بيكون رغم شغفه بالعلم لم يكن متابعا جيدا لما يدور في زمنه من أبحاث علمية؛ فقد رفض نظرية كوبرنيقوس، وتجاهل نظرية كبلر، ولم يعرف قدر أبحاث جلبرت،
13
ولم يعرف - فيما يبدو - شيئا عن فيساليوس رائد التشريح. ومن عجب أنه لم يكن على دراية بعمل هارفي رغم أنه كان طبيبه الخاص، صحيح أن هارفي نشر اكتشافه بعد وفاة بيكون، إلا أن بيكون كان قمينا أن يلم بشيء عن اكتشافه البيولوجي الكبير.
Shafi da ba'a sani ba