Farkon Kaka
أوائل الخريف: قصة سيدة راقية
Nau'ikan
فقالت الآنسة إيجان: «إنها لم تنفك تتحدث عن هذا الشأن لأيام. أظنها تبحث عن رسائل، ربما لا وجود لها من الأساس. إنها تخلط الأمور خلطا مريعا.»
كانت أوليفيا ترتجف في ثوب نومها، من التعب والتوتر أكثر من شعورها ببرودة الليل.
وقالت: «ما كنت لأذكر الأمر لأحد من الآخرين يا آنسة إيجان. فلن يصيبهم هذا إلا بالقلق. ولا بد أن ننتبه لها أكثر فيما بعد.»
كانت العجوز قد تركتهما، وعادت إلى الغرفة المظلمة التي أمضت فيها حياتها بأكملها، وكانت الممرضة قد بدأت في استعادة القليل من ثقتها المستفزة. حتى إنها ابتسمت، تلك الابتسامة الجامدة البراقة التي تقول: «لا يمكنكم الاستغناء عني، مهما حدث.»
قالت جهرا: «لا أستطيع أن أتخيل ما حدث يا سيدة بينتلاند.»
فقالت أوليفيا: «كان حادثا عارضا، لا عليك، طابت ليلتك. ولكن أرى أنه من الأفضل عدم التحدث عما حدث. لا فائدة من وراء ذلك إلا إثارة القلق في نفوس الآخرين.»
لكن أوليفيا كانت في حيرة من أمرها؛ لأنه أسفل الروب الذي وضعته الآنسة إيجان على كتفيها، رأت أن الممرضة لم تكن ترتدي ملابس النوم ولا زيها المعتاد، وإنما كانت ترتدي حلتها الزرقاء الصوفية التي كانت ترتديها في المناسبات النادرة حينما تذهب إلى المدينة.
5
لم تتحدث مع أحد عما حدث، سواء ما حدث في الشرفة أو ما حدث في الردهة أو في أعماق العلية القديمة، وتوالت الأيام وعادوا إلى رتابة حياتهم القديمة مرة أخرى، كما لو أن الليلة الغريبة والحارة والمزعجة لم تكن سوى حلم. ولم تقابل أوهارا، ومع ذلك سمعت بأخباره، باستمرار، من سيبيل، ومن سابين، وحتى من جاك، الذي بدا أقوى مما كان عليه في أي وقت مضى وكان قادرا لبعض الوقت على التجول في المزرعة مع جده في العربة التي يجرها حصان أبيض مسن. مرت لحظات بدا فيها لأوليفيا أن الصبي قد يشفى ذات يوم ويبرأ حقا من علته، ومع ذلك لم يكن في تلك اللحظات أي فرحة حقيقية مطلقا، لأن الحقيقة كانت دوما ماثلة أمامها. كانت تعلم أن هذا لن يحدث أبدا، رغم كل ذلك النضال الشرس الذي استمرت فيه على الدوام هي والرجل المسن في مواجهة الشيء الذي كان أقوى من أي منهما. بل إنها في الواقع وجدت نوعا جديدا من الحزن في مشهد الصبي النحيل الشاحب والرجل المسن الصارم وهما يمضيان بالعربة في الطريق، وعينا الجد متألقتان بنظرة أمل خادعة. وجدتها نظرة لا تطاق؛ لأنها كانت المرة الأولى منذ أعوام، تقريبا منذ اليوم الأول الذي جاء فيه جاك إلى العالم، طفلا صغيرا لم يكن يبكي كثيرا، التي يتبدل فيها تعبير الخضوع والاستسلام على ملامح الرجل المسن.
وفي بعض الأحيان حينما كانت تشاهدهما معا، كانت تملؤها رغبة عارمة في الذهاب إلى جون بينتلاند وإخباره أنه لم يكن خطؤها أنها لم تنجب المزيد من الأطفال، ورثة آخرين يحلون محل جاك. أرادت أن تخبره أنها ودت أن تنجب عشرة أطفال لو كان ذلك ممكنا، وأنها حتى حينئذ كانت لا تزال شابة بما يكفي لإنجاب المزيد من الأطفال. أرادت أن تبوح له ببعض ذلك التوق للحياة الذي كان قد اجتاحها في تلك الليلة في حديقة سابين تحت شجرة التفاح، وهي بقعة زاخرة بالخصوبة. ولكنها أدركت أيضا مدى استحالة مناقشة مسألة كان العجوز جون بينتلاند في أعماق روحه يؤمن بأنها «غير لائقة». فمثل هذه الأمور كانت كلها متوارية خلف حجاب منع ظهور الكثير من الحقائق في حياتهم. مرت أوقات ظنت فيها أوليفيا أنه فهم كل شيء، تلك الأوقات التي أمسك فيها بيدها وقبلها بمودة. تخيلت أنه فهم وأن المعرفة تضرب بجذورها بطريقة ما في شعور الرجل العجوز بالازدراء المستتر تجاه ابنه.
Shafi da ba'a sani ba