فصل في اسْتِدْلال ِ بَعْض ِ عُبّادِ القبوْرِ عَلى جَوَازِ اتخاذِ المسَاجِدِ عَلى القبوْرِ بقوْلِهِ تَعَالىَ ﴿قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾ وَنقضِهِ وَبيان ِ بُطلانِه
قدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ عُبّادِ القبوْرِ مِنْ مُشْرِكِي زَمَانِنَا وَغيْرِهِمْ، عَلى جَوَازِ اتخاذِ المسَاجِدِ عَلى القبوْرِ، بقوْلِهِ تَعَالىَ ﴿قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾.
بَلْ ذهَبَ بَعْضُ هَؤُلاءِ المرَدَةِ إلىَ القوْل ِ باِستِحْبَابِ اتخاذِهَا عَلى القبوْر.
وَالجوَابُ مِنْ وُجُوْهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ أُوْلئِك َ القائِلِيْنَ كانوْا كفارًا، وَليْسُوْا بمُؤْمِنِينَ، قدْ لعنهُمُ النَّبيُّ ﷺ عَلى أَفعَالهِمْ تِلك َ، وَحَذَّرَ أُمتهُ مِنْ سُلوْكِ مَسَالِكِهمُ المرْدِية ِفقالَ ﷺ: «لعَنَ الله ُ اليهُوْدَ وَالنَّصَارَى اتَّخذُوْا قبوْرَ أَنبيَائِهمْ مَسَاجِدَ» وَفي رِوَايةٍ «وَصَالحِيْهمْ».
قالَ شَيْخُ الإسْلامِ ابْنُ تَيْمية َفي «رَدِّهِ عَلى البكرِيِّ» (٢/ ٥٦٧ - ٥٦٨): (فبيوْتُ الأَوْثان ِ، وَبيوْتُ النيرَان ِ، وَبيوْتُ الكوَاكِبِ، وَبيوْتُ المقابرِ: لمْ يَمْدَحِ الله ُ شيْئًا مِنْهَا، وَلمْ يَذْكرْ ذلِك َ إلا َّ في قِصَّةِ مَنْ لعنهُمُ النَّبيُّ ﷺ، قالَ تَعَالىَ: ﴿قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾.