63

Atyaf Min Hayat May

أطياف من حياة مي

Nau'ikan

يحينا في غده هذا الوليد

قرأت «مي» هذه الأبيات فسرت سرورا كبيرا، وأثنت على أدبه وشعره، وقالت تداعبه: «إن من يقول هذا الشعر جدير بأن يغار منه «جبران»، لا أن يغار من «جبران».»

وهي تشير إلى نقده لكتاب «المواكب» لجبران خليل جبران، وحملته عليه، ومخالفته له فيما ذهب إليه، وكانت تشعر أنه يغار من عطفها على أدب جبران، ويظن أنها تحبه!

وحدث أن كتب في ذلك الحين مقالين في «البلاغ»، أحدهما عن «حب المرأة»، والثاني عن «الغيرة». وقال في الأول: «ولسنا نظلم المرأة، ولا نحن نقصد إلى القدح في طبيعتها حين نقول إنها تحب لتهب وتستسلم، وتغمض عينيها في نشوة الثقة والاعتماد الطيع الأمين، فليس للمرأة في قرارة نفسها سعادة أكبر من سعادة الطاعة، ولا أمل أرفع من حب الرجل الذي تطيعه، وتلقي بنفسها بكل ما فيها من ذخر حلاوتها بين يديه، وليقس عليها الرجل، أو يرحمها، ويعذبها أو ينعم بالها، فإنها لسعيدة بالطاعة إذا وجدت من يطاع.»

ثم قال: «خلقت المرأة لتعطي، وخلق الرجل ليأخذ منها كل ما تعطيه، خلقت المرأة للطاعة وخلق الرجل للسيادة، خلقت المرأة للأمان وخلق الرجل للجهاد، خلقت المرأة لتحب وخلق الرجل ليحب نفسه في حبه إياها. هذه هي حقيقة الحقائق، قد أسرف الشرق في الإيمان بها، وأسرف الغرب في إنكارها، وبين هذين النقيضين وسط هو خط السلامة وباب النجاة!»

وقال عن غيرة المرأة في المقال الثاني أنها أشد من غيرة الرجل، وأنها أشقى منه بغيرتها لأنها أحوج إلى الحب وأعظم استغراقا فيه، وأخوف من الفقد والهجران، إن الغيرة ثمرة الحب والأثرة والخوف، وهذه العناصر الثلاثة تثمر في طبائع النساء ما ليست تثمره في طبائع الرجال، فهؤلاء وهؤلاء يغارون، ولكن أحرى الفريقين بالزيادة من هو أحرى بالإشفاق، وأخسر صفقة في الضياع!

قرأت هذين المقالين، فلم تنتظر حتى يأتي موعد «الأحد» بل بعثت إليه برسالة توافق فيها على رأيه في غيرة المرأة، ولكنها تعترض على رأيه في حب المرأة وسيادة الرجل عليها، ثم قالت: «... وكنت أتمنى أن تكون رفيقا بحواء؛ فإن حواء تعتز بأنوثتها الضعيفة القوية في وقت واحد، وهي إن قبلت الطاعة فلن تقبل السيادة، وهي إذا أحبت الرجل واستغرقت في حبه فليس ذلك عن أثرة أو أنانية، وإنما عن تضحية تدفعها إليها الطبيعة. وأنا إذا عرض علي - فرضا - أن أتخلى عن أنوثتي التي أعتز بها لأكون رجلا سيدا، فإني أرفض رفضا باتا، بل أنا أول الرافضات!

وإني أعتقد أنك ستغير رأيك في المرأة في يوم من الأيام.»

مي

فرد عليها برسالة جاء فيها بعد عبارات الأشواق: «إنك على ما ظهر قد فسرت رأيي في المرأة على غير ما أعنيه، وأنا أمدح احتفاظك بأنوثتك، وتعصبك لهذه الأنوثة الجميلة، وأؤيدها كل التأييد، وأعارض كل المعارضة أن تصبحي رجلا، أعوذ بالله من ذلك!

Shafi da ba'a sani ba