المقالة الرابعة والستون:
لماذا أنت صعب المراس؟
شبت وعرامك ما وخط عارضيه مشيب، وشخت وغرامك رداء شبابه قشيب. مالي أراك صعب المراس، جامح الراس. كأن وافد المشيب لم يخطمك، وكأن ارتقاء السن لم يحطمك. الشيخوخة تكسب أهلها سمتًا، وأنت ما أكسبك إلا أمتًا. لو علمت أي وفدٍ حل بفودك، لتبرقعت حياءً من وفدك. ولكن محياك لم يتعلم الحياء، ولم يتهجّ من حروفه الحاء ولا الياء. تثب إلى الشر كما تثب الظباء، وتلهث إلى اللهو كما يلهث الظماء. إن حمحم الباطل فأسمع من سمع، وإن همهم الحق فكأنك بلا سمع. حملت نفسك على الرياضيات وهي ريضة، ومن يحتلب اللباء من اللبؤة المغيضة.
المقالة الخامسة والستون:
العلم والجهل
العلم صعب والجهل منه أصعب، والتقى تعب والفجور منه أتعب. الصعب ما أعقبك الفجعات، والتعب ما جر عليك التبعات. مع المتقي عدة كفلاء بتوهين خطبه، وتهوين صعبه. وشيك التفصي والثناء الجميل في عاجله، والنجاة والثواب الجزيل في آجله. لأنه ممن نظر في الحقائق وتفطن، واستشف ضمائر الأمور واستبطن. طوبى لمن أصغى إلى داعي الحق وأصاخ، ولم يسد عن استماع دعوته الصماخ.
المقالة السادسة والستون:
الخير المتقي
كل آخذ بالاحتباط، غير ناكب عن الصراط. وكل خير متقي،
1 / 27