قال السكاكى: لا بد فى تعريف الحقيقة من تنزيلها منزلة المعهود بوجه من الوجوه الخطابية إما لكون ذلك الشئ محتاجا إليه على طريق التحقيق أو على طريق التهكم فهو لذلك حاضر فى الذهن، أو لأنه عظيم الخطر معقود به الهمم لذلك على أحد # الطريقين، أو لأنه لا يغيب عن الجنس على أحد الطريقين، وإما لأنه جار على الألسن، كثير الدور فى الكلام على أحد الطريقين.
(وقد يأتى) أى المعرف بلام الحقيقة (واحد) من أفراد مفهومه (باعتبار عهديته) أى: عهدية ذلك المسمى (فى الذهن) لا باعتبار عهدية الواحد أى:
حرف التعريف لتعين المسمى لا الفرد، وقال الشارح: يريد أنه يأتى لواحد باعتبار عهدية ذلك الواحد من حيث إنه متحد مع ما هو معهود فى الذهن فكأنه معهود، ولا يخفى أن إدخال حرف التعليل فى قوله: قد يأتى، وقوله: وقد يفيد يوهمان أن لام الحقيقة من حيث هى هى أكثر منهما وليس الأمر كذلك لأن الحكم على المفهوم من حيث هو هو قلما يكون فى المحاورات، وإن كثر فى العلوم فى المعرفات، وكأنه أتى بكلمة قد للتحقيق إزالة للشك فى ذلك الإتيان؛ لأنه خلاف الأصل، والأصل إرادة المفهوم من حيث هو هو لأنه الموضوع له وإنما يعدل إلى البعض عند قرينة البعضية، وإلى العموم عند قرينة الوجود وعدم قرينة البعضية؛ لأن التخصيص ببعض دون بعض ترجيح بلا مرجح، وإنما قال: وقد يأتي، ولم يقل: وقد يقصد به واحد؛ لأن الواحد غير مقصود باللفظ ، وإنما يأتى من القرينة.
Shafi 318