وقد عدل المصنف عن ترتيب المفتاح حيث قدم المجاز العقلي لأنه المقصود بالبيان في فن البلاغة، المشار إليه بالبنان، لأن تقديم المجاز العقلي يوجب فضلا كثيرا بين الحقيقة والمجاز؛ لكثرة ما يتعلق به، وما قصد بذكرها من مزيد إيضاح المجاز بمعرفتها إنما ينتظم كل انتظام بمقارتها، على أن بعض مباحث المجاز مما لا بد فيه من معرفة الحقيقة كما ستشاهد. وعدل عن تعريفه للحقيقة والمجاز، لأنه إخبار أنهما ما ذكرهما جار الله وغيره، وظاهر كلام ابن الحاجب أنه مذهب عبد القاهر؛ فلا يصح تعريفهما بالكلام، لأنهما صفة الإسناد، وأما اشتراطه أن يكون المسند فيهما فعلا أو ما في معناه، فلما نقله عن جار الله من أن المجاز # العقلي هو إسناد الفعل إلى شيء يتلبس بالذي هو في الحقيقة له، وإلحاقه ما هو في معنى الفعل به؛ لأنه في حكمه؛ حتى يكتفي كثيرا بذكر الفعل في مقام الحكم عليهما، فقولك: زيد إنسان خارج عنهما عنده داخل في الحقيقة عند صاحب المفتاح، فلا بد له من العدول من هذا الوجه أيضا، وأما أن الحق في ذلك مع المفتاح لشهادة الشيخ عبد القاهر له فلا يقدح في وجه العدول، وأما ما اعترض به المصنف على تعريفه للحقيقة من أنه الكلام المفاد به ما عند المتكلم من الحكم فيه من أنه غير صادق على ما لا يطابق الاعتقاد مما سبق من قولك: جاء زيد، وقول المعتزلي المخفى اعتقاده حيث ترك في تقييد ما عند المتكلم بقولنا في الظاهر مع أنهما حقيقتان من غير ريبة من أحد- فلا يتم حتى يتم وجها للعدول؛ لأن المقصود الظاهر مما عند المتكلم ما عنده في الظاهر، لعدم الاطلاع على السرائر، نعم؛ لا كلام في صحة العدول لقصد مزيد توضيح والاحتراز عن غفلة نظر غير صحيح، ولو سلم أن المتبادر ما عند المتكلم في نفس الأمر فعدم صدق التعريف على ما لا يطابق الاعتقاد في نفس الأمر مم لأنه الكلام المفاد به ما عند المتكلم من الحكم في نفس الأمر، غايته أن الإفادة لم تطابق لتخلف المدلول على الدال، ولا يصح أن يقال المتبادر ما هو أعم من أن يكون عند المتكلم في الحقيقة، أو في الظاهر؛ لأنه ينتقض على هذا تعريف المفتاح بدخول ما ليس منها بأن يكون ما عند المتكلم في الواقع، لا في الظاهر.
ومما قررت به من جهات العدول أن تعريف المفتاح من غير منعكس لخروج الإنشاءات إذ لا حكم فيها، ولخروج المركبات الغير (¬1) الكلامية، وغير مطرد على مذهب المصنف لدخول نحو: زيد صائم فيه، مع إن إسناد صائم فيه إلى المبتدأ ليس بحقيقه لأنه إلى الملابس.
[ومنه مجاز عقلي]
Shafi 263