Atheer Ibn Badis
آثار ابن باديس
Editsa
عمار طالبي
Mai Buga Littafi
دار ومكتبة الشركة الجزائرية
Bugun
الأولى عام ١٣٨٨ هـ
Shekarar Bugawa
١٩٦٨ ميلادية
Nau'ikan
الدعوة وأما الجدال فإنه غير مقصود بالذات وإنما يجب عند وجود المعارض بالشبهة والصادِّ بالباطل عن سبيل الله. فالدعوة بوجهيهما أصل قائم دائم، والجدال يكون عند وجود ما يقتضيه. ولهذا كانت الدعوة بوجهيهما محمودة على كل حال، وكان الجدال مذمومًا في بعض الأحوال، وذلك فيما إذا استعمل عند عدم الحاجة إليه، فيكون حينئذ شاغلًا عن الدعوة ومؤديًا- في الأكثر- إلى الفساد والفتنة. فإذا كان جدالًا لمجرد الغلبة والظهور فهو شر كله وأشد شرًا منه إذا كان لمدافعة الحق بالباطل، وفي هذه الأقسام الممنوعة جاء مثل قوله: ﴿الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا﴾ (*) ﴿وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ﴾. وقوله (١) ﷺ: (ما ضل قوم بعد هدي كانوا عليه إلا أوتوا الجدل). ثم تلا: ﴿مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾ (٢)
تحذير:
المدافعة والمغالبة من فطرة الإنسان ولهذا كان الإنسان أكثر شيء جدلًا غير أن التربية الدينية هي التي تضبط خلقه وتقوم فطرته فتجعل جداله بالحق عن الحق. فلنحذر من أن يطغى علينا خلق المدافعة والمغالبة فنذهب في الجدل شر مذاهبه وتصير الخصومة لنا خلقًا، ومن صارت الخصومة له خلقًا أصبح يندفع معها في كل شيء ولأدنى شيء، يبالي بحق ولا باطل. وإنما يريد الغلب بأي وجه كان، وهذا هو الذي قال فيه النبي ﷺ: (٣)
(١) الترمذي وصححه.
(٢) ٥٨/ ٤٣ الزخرف.
(٣) الصحيحان.
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كذا، والآية الكريمة نصها ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ﴾
1 / 191