القسم العملي
مقدار التلاوة:
قد كان النبي- ﵌ لا يخلي ليله ولا نهاره من تلاوة القرآن وكان- كما قال القرطبي- يختمه في سبع. وهكذا قال لعبد الله بن عمر ﵁: "واقرأ في كل سبع ليال مرة " وقد كان قال له أولًا: "واقرأ القرآن في كل شهر" فلما قال إنه يطيق أكثر من ذلك نقله إلى العشرين وإلى الخمسة عشر وإلى العشر واتنهى به إلى السبع في قول الأكثر. وكان هذا فعل الأكثرين من السلف. وعند الترمذي وغيره من حديث ابن عمر ﵁ مرفوعًا: "لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث" وهذا ترخيص فيما دون السبع وترغيب عما دون الثلاث. وقد فهم السلف من هذه الأحاديث بيان ما يكون وظيفته وحزبًا يستمر عليه، فلذا لم يمتنعوا من ختم القرآن في أقل من ذلك في مرات في بعض الأحوال. وقد ثبت عن كثير منهم ختم القرآن في ركعة واحدة.
ولا شك أن أحوال حملة القرآن تختلف في التفرغ للتلاوة والإشتغال بغيرها، وأحوال الشخص الواحد في نفسه تختلف كذلك، فيرتب حامل القرآن حزبه من الشهر إلى السابع على حسب حاله. فإذا لم يكن من حملة القرآن فلا يخلُ ليله ولا نهاره من تلاوة شيء مما معه حسب استطاعته، ولا يكن من الغافلين.
ما يقصده من التلاوة:
قراءة القرآن أفضل أعمال اللسان، وتدبر معانيه أفضل أعمال القلب. هذا من حديث أبي أمامة عند الترمذي الذي قدمناه في القسم الأول. فليقصد التالي التقرب إلى الله- تعالى- بهما.