135

Na Zaɓi 'Yanci

آثرت الحرية

Nau'ikan

همست في أذني بينما كانت «جوليوين» ترقص دور كورسير: «إنني لأنسى كل همي وأنا في جوارك.»

لم تعد «كريجر» بالشابة الصغيرة، ومع ذلك فلم يزل رقصها رائعا، وكانت تصادف من الناس إعجابا في طول الروسيا وعرضها، وكانت تلك الليلة ترقص مناظر في دورها المشهور من رواية «بحيرة التم»، وصفق لها النظارة تصفيقا عاصفا، ثم تبعتها مغنية أخذت تنشد: «فكوا أساري، ألا فكوا أساري، وسأعرف كيف أمحو عاري، وسأعيد في الناس سمعتي وفخاري ...» فضغطت «إلينا» على يدي ضغطة شديدة حتى آلمتني.

قالت في صوت منخفض فيه اضطراب: «فكتور أندريفتش، أنصت إلى هذه الكلمات فإن لها لأعمق الأثر في نفسي ونفوس كثيرين بل كثيرين جدا سواي.»

ثم جاءت امرأة بدينة فغنت أنشودة «ليزا» من رواية «ملكة البستوني» فأحسست كأنما ذهبت عن «إلينا» كل فرحة بالحفلة الموسيقية، وأخذت تتململ في كرسيها وتتنهد، فلما بلغت المغنية من أنشودتها هذه العبارة: «وجاءت السحابة الصغيرة فاستتبعت في ذيلها الصواعق وحطمت قوائم السعادة والأمل ...» نهضت «إلينا» من فورها وجذبتني معها.

قالت: «أرجوك الانصراف يا فكتور أندريفتش، أرجوك لم يعد في وسعي أن أنصت أكثر مما فعلت.»

ولما خرجنا إلى الهواء الذي يلفحه الصقيع، هدأت ثورة نفسها، ولم أسألها شيئا، واعتزمت ألا أستكشف هذا السر المقبض الذي يعتم حياتها بظله، مهما يكن نوعه.

قلت: «هيا إلى مطعم فنسمع شيئا من العزف البهيج.» - «لا بأس، لكني أشترط شرطا واحدا، وهو أن أدفع حسابي، فأنت طالب وأنا أعمل وأكتسب، وليس ثمة ما يبرر أن تدفع أنت.»

وبعدئذ جرت العادة خلال الأشهر التالية أن نلتقي مرة على الأقل في كل أسبوع، وكثيرا ما التقينا في الأسبوع أكثر من مرة، وانقضى الشتاء وأقبل الربيع، وقدمت «إلينا» لأمي؛ فأحبت كلتاهما الأخرى منذ النظرة الأولى، وأخذتا بعد ذلك تلتقيان كثيرا حتى ولو لم أكن معهما.

قالت لي أمي: «إنها امرأة لطيفة وهي تحبك حبا جما، وأنا أعلم كيف تحس نحوها، لكن في حياتها شيئا يبهظ فؤادها بحمله الثقيل.» - «أعلم ذلك يا أماه ولم أعثر على شيء أفسر به سر شقائها، ولقد وجدت أن تحسس السر من أصوله إنما يؤذي شعورها، فكففت عن السؤال.» - «لقد أصبت يا «فيتيا» إنها فتاة طيبة ولا عليك إذا ركنت إليها، وأيا ما كان هذا الذي يعنيها فلن يكون مما يسيء، فهي من الناس الذين لا يحبون أن يؤلموا أحدا إلا نفسها.»

وحدث ذات ليلة أن تعشت «إلينا» مع أسرتي ولبثت تقضي المساء، فأخذنا في القراءة معا وجلسنا نستمع إلى المذياع معا، وعرف كل منا، دون أن نتبادل في ذلك الكلمات، أنها لا تريد العودة إلى دارها.

Shafi da ba'a sani ba