Athar Misriyya Fi Adab Carabi
الآثار المصرية في الأدب العربي
Nau'ikan
الأهرام
لعل الأهرام صاحبة الحظ الأوفر مما قيل في الآثار من الشعر العربي. والقارئ لكتاب حسن المحاضرة لمؤلفه جلال الدين السيوطي، المتوفى سنة 911ه، وهو يجمع الآراء التي قيلت قبله يدرك مقدار ما كان من اختلاف في الرأي حول الوقت الذي بنيت فيه، وحول بانيها، والهدف الذي أنشئت من أجله.
ومن الطريف أن ننقل بعض هذه الآراء لنرى صداها في الشعر من ناحية، ولكي نرى الفرق الشاسع بين نظرة القدماء ونظرتنا اليوم إلى هذه الأهرام.
روى السيوطي أن جماعة من أهل التاريخ قالوا: إن الذي بنى الأهرام هو سوريد بن سلهوق بن شرياق؛ ملك مصر، وكان قبل الطوفان بثلاثمائة سنة، وسبب ذلك أنه رأى في منامه كأن الأرض انقلبت بأهلها، وكأن الناس هاربون على وجوههم، وكأن الكواكب تساقطت، ويصدم بعضها بعضا بأصوات هائلة، فأغمه ذلك وكتمه، ثم رأى بعد ذلك كأن الكواكب الثابتة نزلت إلى الأرض في صورة طيور بيض، وكأنها تخطف الناس وتلقيهم بين جبلين عظيمين، وكأن الجبلين انطبقا عليهم، وكأن الكواكب النيرة مظلمة، فانتبه مذعورا وجمع رؤساء الكهنة من جميع أعمال مصر، فأخبروه بأمر الطوفان، فأمر عند ذلك ببناء الأهرام وملأها طلسمات وعجائب وأموالا وخزائن وغير ذلك، وكتب فيها جميع ما قالته الحكماء، وجميع العلوم الغامضة، وأسماء العقاقير ومنافعها ومضارها، وعلم الطلسمات والحساب والهندسة والطب، وكل ذلك مفسر لمن يعرف كتابتهم ولغاتهم، وأحضر لها الصخور من ناحية أسوان، وجعل أبوابها تحت الأرض بأربعين ذراعا.
فلما فرغ منها كساها ديباجا ملونا من فوق إلى أسفل، وجعل لها عيدا حضره أهل مملكته كلها، ثم عمل في الهرم الغربي ثلاثين مخزنا مملوءة بالأموال الجمة والآلات والتماثيل المصنوعة من الجواهر النفيسة، وآلات الحديد الفاخر والسلاح الذي لا يصدأ، والزجاج الذي ينطوي ولا ينكسر، والطلسمات الغريبة، وأصناف العقاقير المفردة والمؤلفة، والسموم القاتلة وغير ذلك، وعمل في الهرم الشرقي أصناف القباب الفلكية والكواكب، وما صنع من أجداده من التماثيل، وجعل في الهرم الملون أخبار الكهنة في توابيت من صوان أسود، مع كل كاهن مصحفه، وفيها عجائب صنعته وحكمته وسيرته وما عمل في وقته، وما كان وما يكون من أول الزمان إلى آخره، وجعل لكل هرم خازنا يقتل كل من يقترب منه.
1
كما روي أيضا أنها كانت قبورا لملوك مصر؛ كان الملك منهم إذا مات وضع في حوض حجارة، ثم يبنى من الهرم على قدر ما يريدون من ارتفاع الأساس، ثم يحمل الحوض فيوضع وسط الهرم، ثم يقنطر عليه البنيان والأقباء، ثم يرفعون البناء على هذا المقدار.
2
وقد بدت هذه الحيرة في الشعر يومئذ، فقال بعضهم:
حسرت عقول أولي النهى الأهرام
Shafi da ba'a sani ba