At-Tawdih ar-Rashid fi Sharh at-Tawhid

Khaldoun Naguib d. Unknown
95

At-Tawdih ar-Rashid fi Sharh at-Tawhid

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

Nau'ikan

الشَّرْحُ - كَلَامُ المُصَنِّفِ لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ، بَلْ يُقيَّدُ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ المُسْتَغَاثُ بِهِ مِمَّا يَخْتَصُّ اللهُ تَعَالَى بِهِ، فَمَا كَانَ للهِ تَعَالَى لَا يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِهِ. وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ تَعَالَى ﴿قَالُوا وَهُمْ فِيْهَا يَخْتَصِمُوْنَ، تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِيْنٍ، إِذْ نُسَوِّيْكُمْ بِرَبِّ العَالَمِيْنَ﴾ (الشُّعَرَاء:٩٨). فَتَسْوِيَتُهُم بَيْنَ مَعْبُوْدَاتِهِم وَبَيْنَ اللهِ تَعَالَى هُوَ سَبَبُ دُخُوْلِهِم النَّارَ، عِلْمًا أَنَّهُم لَمْ يَعْتَقِدُوا فِيْهِم الرُّبوبيّةَ! فَصَارَ فِي ذَلِكَ التَّدْلِيْلُ عَلَى أَنَّ دُعَاءَ غَيْرِ اللهِ فِيْمَا كَانَ للهِ هُوَ الكُفْرُ الأَكْبَرُ الَّذِيْ لَا يُغْفَرُ. وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ تَعَالَى أَيْضًا ﴿إِنَّ الَّذِيْنَ تَدْعُوْنَ مِنْ دُوْنِ اللهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوْهُمْ فَلْيَسْتَجِيْبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِيْنَ﴾ (الأَعْرَاف:١٩٤). - الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ: وَدَلَّ لِذَلِكَ الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَفِي الحَدِيْثِ (الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ) ثُمَّ قَرَأَ ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِيْنَ يَسْتَكْبِرُوْنَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُوْنَ جَهَنَّمَ دَاخِرِيْنَ﴾ (غَافِر:٦٠). (١) - الدُّعَاءُ نَوْعَانِ: ١) دُعَاءُ عِبَادَةٍ: كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ العِبَادَاتِ. وَسُمِّيَ دُعَاءً لِأَنَّهُ دَاعٍ بِلِسَانِ حَالِهِ، فَمَعْلُوْمٌ أَنَّ مَنْ يُرِيْدُ الجَنَّةَ وَالبُعْدَ عَنِ النَّارِ؛ فَإِنَّهُ يُحَافِظُ عَلَى أَعْمَالِ الطَّاعَةِ للهِ، فَهُوَ دَاعٍ فِي الجُمْلَةِ. كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِيْنَ يَسْتَكْبِرُوْنَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُوْنَ جَهَنَّمَ دَاخِرِيْنَ﴾ (غَافِر:٦٠)، فَجَعَلَ سُبْحَانَهُ الدُّعَاءَ عِبَادَةً، وَكَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَأَنَّ المَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا﴾ (الجِنّ:١٨)، وَهَذَا النَّوْعُ لَا يَجُوْزُ صَرْفُهُ لِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى، وَهُوَ المَقْصُوْدُ بِالحَدِيْثِ هُنَا. ٢) دُعَاءُ مَسْأَلَةٍ: أَيْ: يَدْعُوْ سَائِلًا بِلِسَانِهِ، وَهَذَا النَّوْعُ فِيْهِ تَفْصِيْلٌ مِنْ حَيْثُ كَوْنِ المُسْتَغَاثِ بِهِ حَيًّا حَاضِرًا قَادِرًا (٢)، كَمَا فِي قَوْلِهِ ﷺ: (مَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيْبُوهُ). (٣)

(١) صَحِيْحٌ. التِّرْمِذِيُّ (٢٩٦٩) عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيْرٍ مَرْفُوْعًا. صَحِيْحُ الجَامِعِ (٣٤٠٧). (٢) قُلْتُ: مَعَ التَّأْكِيْدِ عَلَى كَوْنِ دُعَاءِ المَدْعُوِّ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الأَسْبَابِ؛ وَأَنَّ النَّفْعَ إِنَّمَا هُوَ مِنَ اللهِ تَعَالَى. (٣) صَحِيْحٌ. أَبُو دَاود (١٦٧٢) عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوْعًا. الصَّحِيْحَةُ (٢٥٤).

1 / 95