At-Tawdih ar-Rashid fi Sharh at-Tawhid
التوضيح الرشيد في شرح التوحيد
Nau'ikan
مَسَائِلُ عَلَى البَابِ
- مَسْأَلَةٌ) لِمَاذَا حُمِلَ قَوْلُهُ (لَا يُؤْمِنُ) عَلَى نَفْي الكَمَالِ، رُغْمَ أَنَّ هُنَاكَ مَحَامِلَ أُخَرَ تَقْبَلُهَا اللُّغَةُ، وَهِيَ نَفْيُ الوُجُوْدِ وَنَفْيُ الصِّحَّةِ؟
الجَوَابُ: أَنَّ الأَصْلَ - مِنْ جِهَةِ لِسَانِ العَرَبِ - هُوَ الحَمْلُ عَلَى نَفْي الوُجُوْدِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِمِ المَعْنَى حُمِلَ عَلَى نَفْي الصِّحَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِمِ المَعْنَى حُمِلَ عَلَى نَفْي الكَمَالِ.
فَهُنَا الإِيْمَانُ الَّذِيْ هُوَ التَّصْدِيْقُ لُغَةً مَوْجُوْدٌ، وَهُوَ أَيْضًا صَحِيْحٌ غَيْرُ مَرْدُوْدٍ - وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ صِحَّتِهِ وَقَبُوْلِهِ -، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الأَخِيْرُ؛ وَهُوَ الحَمْلُ عَلَى نَفْي الكَمَالِ.
قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِيْن ﵀ فِي كِتَابِهِ (القَوَاعِدُ الفِقْهِيَّةُ) (١): (وَالنَّفْيُ لِلوُجُوْدِ ثُمَّ الصِّحَّةِ ... ثُمَّ الكَمَالِ فَارْعَيَنَّ الرُّتْبَةَ). (٢)
(١) القَوَاعِدُ الفِقْهِيَّةُ (ص١١).
(٢) وَقَالَ أَيْضًا ﵀ فِي كِتَابِهِ (الشَّرْحُ المُمْتِعُ عَلَى زَادِ المُسْتَقْنِع) (١٥٨/ ١): «النَّفْيُ يَكُوْنُ أَوَّلًا لِنَفْي الوُجُوْدِ، ثُمَّ لِنَفْي الصِّحَةِ، ثُمَّ لِنَفْي الكَمَالِ). فَإِذَا جَاءَ نَصٌّ فِي الكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ فِيْهِ نَفْيٌ لِشَيْءٍ؛ فَالأَصْلُ أَنَّ هَذَا النَّفيَ هُوَ لِنَفْي وُجُوْدِ ذَلِكَ الشَيْءِ، فَإِنْ كَانَ مَوْجُوْدًا فَهُوَ نَفْيُ الصِّحَّةِ - وَنَفْيُ الصِّحَّةِ نَفْيٌ لِلوُجُوْدِ الشَّرْعِيِّ -، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ بِأَنْ صَحَّتِ العِبَادَةُ مَعَ وُجُوْدِ ذَلِكَ الشَّيْءِ؛ صَارَ النَّفْيُ لِنَفْي الكَمَالِ لَا لِنَفْي الصِّحَّةِ).
مِثَالُ نَفْي الوُجُوْدِ: (لَا خَالِقَ لِلكَوْنِ إِلَّا اللهُ).
مِثَالُ نَفْي الصِّحَةِ: (لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأمِّ الكِتَابِ).
مِثَالُ نَفْي الكَمَالِ: (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُم حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيْهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ).
1 / 285