138

At-Tawdih ar-Rashid fi Sharh at-Tawhid

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

Nau'ikan

- المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) فِي عَدَمِ جَوَازِ الاسْتِغْفَارِ لِمَنْ مَاتَ مُشْرِكًا؛ جَاءَ فِي البُخَارِيِّ (١) أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى عَلَى رَأْسِ المُنَافِقِيْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُوْلٍ؛ وَقَالَ: (إِنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ، لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِيْنَ فَغُفِرَ لَهُ لَزِدْتُ عَلَيْهَا)؟!
وَالجَوَابُ: أَنَّ هَذَا كَانَ فِي أَوَّلِ الأَمْرِ ثُمَّ نُهِيَ عَنْهُ، وَدَلَّ لِذَلِكَ الحَدِيْثُ بِتَمَامِهِ فِي البُخَارِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ ﵁؛ قَالَ: (لمَّا مَاتَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبيِّ بْنِ سَلُوْلٍ وَدُعِيَ لَهُ رَسُوْلُ اللهِ ﷺ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَامَ رَسُوْلُ اللهِ ﷺ وَثَبْتُ إِلَيْهِ؛ فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ؛ أَتُصلِّي عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ وَقَدْ قَالَ كَذَا وكَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا؟! - أُعَدِّدُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ -، فَتَبَسَّمَ رَسُوْلُ اللهِ ﷺ، وَقَالَ: (أَخِّرْ عَنِّيْ يَا عُمَرُ)، فَلَمَّا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ، قَالَ: (أَمَا إِنِّيْ خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ، لَوْ أَعْلَمُ أَنِّيْ إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِيْنَ يُغْفَرُ لَهُ؛ لَزِدْتُ عَلَيْهَا)، قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُوْلُ اللهِ ﷺ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمْ يَمكُثْ إِلَّا يَسِيْرًا حَتَّى نَزَلَتِ الآيَتَانِ مِنْ بَرَاءَةَ ﴿وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُوْلِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُوْنَ﴾ (التَّوْبَة:٨٤) قَالَ: فَعَجِبْتُ بَعْدُ مِنْ جُرْأَتِي عَلَى رَسُوْلِ اللهِ ﷺ يَوْمَئِذٍ، وَاللهُ وَرَسُوْلُهُ أَعْلَمُ). وَزَادَ التِّرْمِذِيُّ: فَمَا صَلَّى رَسُوْلُ اللهِ ﷺ بَعْدَهُ عَلَى مُنَافِقٍ، وَلَا قَامَ عَلَى قَبْرِهِ حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ. (٢)
قُلْتُ: فَيَكُوْنُ الاسْتِغْفَارُ - اليَوْمَ - لِمَنْ مَاتَ مُشْرِكًا هُوَ مِنَ الاعْتِدَاءِ فِي الدُّعَاءِ. (٣) (٤)

(١) البُخَارِيُّ (١٣٦٦).
(٢) صَحِيْحٌ. التِّرْمِذِيُّ (٣٠٩٧). صَحِيْحُ التِّرْمِذِيِّ (٣٠٩٧).
(٣) كَمَا فِي حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ مَرْفُوْعًا (إِنَّهُ سَيَكُوْنُ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ قَوْمٌ يَعْتَدُوْنَ فِي الطُّهُوْرِ وَالدُّعَاءِ). صَحِيْحٌ. أَبُو دَاوُدَ (٩٦). صَحِيْحُ الجَامِعِ (٢٣٩٦).
(٤) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄؛ فِي قَوْلِهِ ﷿ ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيْمًا، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ (الإِسْرَاء:٢٤)، فَنَسَخَتْهَا الآيَةُ فِي بَرَاءَة ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِيْنَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِيْنَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيْمِ﴾ (التَّوبَة:١١٣). صَحِيْحٌ. الأَدَبُ المُفْرَدُ (٢٣). صَحِيْحُ الأَدَبِ المُفْرَدِ (١٧).

1 / 138