حسنا، أحببت الذهاب في رحلات بالسيارة البخارية. اعتدت القيادة منذ أن كنت في الخامسة عشرة من عمري، لكن هذه كانت أول سيارة أتملكها بصفة شخصية، وعلى الأرجح السيارة البخارية الوحيدة في مقاطعة هورون. كان الجميع يهرعون لمشاهدة السيارة أثناء مرورها. لم تصدر ضجة عالية وصليلا وجلجلة، بل كانت تسير في هدوء إلى حد ما كسفينة بشراع عال تسير فوق مياه البحيرة، كما أنها لم تعكر الهواء، بل خلفت وراءها سحابة من البخار. حظرت سيارات ستانلي ستيمر في بوسطن؛ نظرا لأن البخار لبد الهواء بالغيوم. لطالما أحببت أن أخبر الناس: «قدت سيارة كانت محظورة في بوسطن.»
بدأنا الرحلة في ساعة مبكرة إلى حد ما في يوم أحد من شهر يونيو. استغرقت نحو خمسة وعشرين دقيقة لتشغيل محرك السيارة، وطوال ذلك الوقت جلست العجوز آني في المقعد الأمامي كما لو أن العرض سيبدأ بالفعل. ارتدينا نحن الاثنتين وشاح القيادة ومئزرين طويلين، لكن الثوب الذي ارتدته العجوز آني أسفل السترة كان حريريا وبلون أرجواني داكن. في واقع الأمر، كانت قد أعادت صنعه من الثوب الذي ارتدته جدتي عند مقابلة أمير ويلز.
قطعت السيارة البخارية الأميال بسرعة كبيرة؛ كانت تقطع خمسين ميلا في الساعة - كان ذلك رائعا حينذاك - لكنني لم أزد السرعة. كنت أحاول ألا أتسبب في أي توتر للعجوز آني. كان الناس لا يزالون في الكنائس حين بدأنا رحلتنا، لكن فيما بعد امتلأت الطرق بالخيول والعربات التي تجرها الخيول التي تشق طريقها إلى بيوتهم. التزمت الكياسة بأكبر قدر ممكن وأنا أسير ببطء مارة بهم، لكن تبين أن العجوز آني لم تحبذ هذه الرصانة وأخذت تقول: «فلتضغطي عليه.» قاصدة البوق الذي كان يعمل بمصباح أسفل رفرف السيارة بجانبي.
لا بد أنها لم تخرج من مدينة والي لسنوات تتجاوز السنوات التي عشتها. عندما عبرنا الجسر بسولتفورد (ذلك الجسر الحديدي الذي شهد الكثير من الحوادث بسبب الانعطاف من الطرفين)، قالت إنه لم يكن يوجد جسر هناك، وكان على المرء أن يدفع المال لرجل كي يجدف به عبر النهر.
قالت: «لم يكن باستطاعتي دفع المال، فعبرت فوق الأحجار ورفعت تنورتي وخضت في الماء. كان الطقس بهذه الدرجة من الجفاف في الصيف.»
بالطبع لم أعرف عن أي صيف كانت تتحدث.
بعد ذلك، قالت: «انظري إلى تلك الحقول الشاسعة، أين ذهبت جذوع الأشجار؟ أين الأدغال؟ انظري كيف يمتد الطريق في خط مستقيم. إنهم يبنون منازلهم من القرميد! وما هذه المباني التي تضاهي الكنائس حجما؟»
قلت: «إنها حظائر.»
كنت أعرف الطريق إلى كارستيرز جيدا، لكنني انتظرت من العجوز آني أن تساعدني بمجرد أن نصل إلى هناك؛ لكن لم تلح في الأفق أي مساعدة. قدت السيارة في الشارع الرئيسي جيئة وذهابا في انتظار أن ترى شيئا مألوفا. قالت: «ليتني أرى النزل فقط؛ سأعرف حينها المسار خلفه.»
كانت بلدة مقامة حول مصنع ما، ولم تكن بلدة جميلة، في رأيي. بالتأكيد لفتت السيارة البخارية الأنظار، واستطعت السؤال عن الاتجاهات المؤدية إلى مزرعة هيرون دون إيقاف المحرك، وبعد صيحات وإشارات تمكنت في النهاية من الوصول إلى الطريق الصحيح. أخبرت العجوز آني أن تنتبه إلى صناديق البريد، لكنها كانت منشغلة بالبحث عن الجدول المائي. عثرت على الاسم بنفسي، وانعطفت إلى ممر طويل يؤدي إلى منزل من القرميد الأحمر في نهايته، ملحقة به حظيرتان أثارتا ذهول العجوز آني. كانت المنازل القرميدية الحمراء ذات الشرفات والنوافذ الكبيرة هي الطراز المعتاد حينئذ، وكانت منتشرة في جميع الأنحاء.
Shafi da ba'a sani ba