Asma'a Jibal Tihama Wa Sukanuha - Dhaman Nawadir al-Makhtutat
أسماء جبال تهامة وسكانها - ضمن نوادر المخطوطات
Bincike
عبد السلام هارون
Mai Buga Littafi
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر
Lambar Fassara
الثانية
Shekarar Bugawa
١٣٩٣ هـ - ١٩٧٢ م
Nau'ikan
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
تقديم
هذه هي المجموعة الثامنة من (نوادر المخطوطات)، وقد تضمنت كتاب عرام بن الأصبغ السلمى في (أسماء جبال تهامة وسكانها، وما فيها من القرى، وما ينبت عليها من الأشجار وما فيها من المياه)، كما تضمنت (الفهارس العامة) للمجلد الثاني من نوادر المخطوطات، طبقا للنظام الذي اتبع في المجلد الأول.
وكنت قد وعدت بنشر هذا الكتاب في المجموعة الأولى من (نوادر المخطوطات) ولم تهيأ لي فرصة نشره إذ ذاك، واتفقت أحوال دعتني إلى إفراده بالنشر خارج نطاق نوادر المخطوطات، ثم رأيت أن أنجز الوعد الذي وعدت فأعيد نشره في نطاق النوادر نشرة أوفى وأضوأ من تلك النشرة الأولى.
وتمتاز هذه النشرة الثانية بإضافة عدة تصحيحات وتعليقات وقعت إلينا بعد أداء النشرة الأولى، وكذلك بضع تصحيحات وتعليقات للأستاذ الشيخ حمد الجاسر.
ومما تمتاز به عقد مقارنة تحقيقية بين نشرتى الأولى والثانية للكتاب وبين نشرة الصديق العلامة عبد العزيز الميمنى الراجكوتى الأستاذ بجامعة عليكرة بالهند.
وكذلك إضافة أرقام صفحات نسخة الأصل.
وقد استدعى نظام نوادر المخطوطات أن ألغى الفهارس الخاصة بهذه الرسالة لأدمجها في الفهرس العام لهذا المجلد الثاني من النوادر، وهو ملحق بهذه المجموعة، ولم أحتفظ من تلك الفهارس الخاصة إلا بفهرس النبات والحيوان، لأنهما لا نظير لهما في الفهارس العامة.
2 / 373
مقدمة التحقيق للنشرة الأولى (^١)
تهامة:
«تهامة» كلمة يختلف مدلولها اختلافا شديدا، فهي تمتد طولا ما بين عدن إلى تخوم الشام مسايرة شاطئ البحر، وهي تنكمش أحيانا من الشمال أو من الجنوب، ويختلف علماء البلدان الأقدمون في ذلك. ولعل أصدق دليل على هذا ما ذكره عرام في صدر كتابه هذا، أن أول جبال تهامة هو «رضوى»، وهو من ينبع على يوم.
ويبدو أن ذلك الانبساط والانكماش جاء في مختلف العصور نتيجة للسلطان السياسي أو القبلي الذي كان يسود تلك المنطقة أو يتقلص عنها.
على أن اللغة تعيننا عونا تاما في هذه القضية، إذ أن اشتقاق تهامة من «التهم»، وهو تغير الريح وركودها وشدة الحر. فالامتداد الساحلى من جنوب اليمن إلى تخوم الشام هو الذي تصدق عليه هذه التسمية.
وإن الراجع إلى أقوال العلماء القدماء ليفهم أن تقسيم الجزيرة العربية يخضع إلى حدّ ما للحجاز، وهو الجبل الممتد الذي حجز بين شطرين جغرافيين متباينين من الجزيرة، أحدهما مرتفع وهو نجد، والآخر منخفض عنه غائر وهو غور تهامة. وسراة هذا الجبل، أي أعاليه، هي ما يسمى بالسراة، ممتدة ما بين أقصى اليمن وأدنى الشام.
فبالطبيعة الجغرافية تكون تهامة هي الغور الضيق الذي يساير بحر القلزم،
_________
(^١) أظهرت هذه النشرة في كتاب مستقل في تاريخ غرة جمادى الثانية سنة ١٣٧٢.
2 / 374
ضاربا من الجانب العربي لشبه جزيرة طور سينا إلى أقصى الجنوب من بلاد اليمن.
ويختلف عرضها اختلافا كبيرا، فهي بين الطور والسويس جزء ضيق من الساحل (^١). وأوسع موضع في تهامة هو ساحل جدة. وهناك تهامة اليمن، وتهامة
الحجاز.
وكانت تهامة اليمن في بعض العهود ولاية قائمة بذاتها، ولا سيما في عهد الفتح الفارسي لليمن في نهاية القرن السادس الميلادي، ثم ولى تهامة هذه من بعد بنو زياد، وكانت حاضرتها «زبيد»، ثم أصبحت ولاية خاضعة لأئمة صنعاء.
وهناك تهامة أخرى في غير الجزيرة العربية، وهي على الشاطئ الغربى للبحر، وهي (تهامة الحبشة)، ذكرها ابن خرداذبه (^٢)، وهو يعنى بذلك ما يعرف اليوم بساحل «إرتيريا».
أما تهامة الذي يعنيها عرام في كتابه هذا فهي (تهامة الحجاز) لا ريب، يجعل أول جبالها الشمالية «رضوى» وهي من ينبع على يوم، ومن المدينة على سبع مراحل، وحدها الجنوبي الطائف وقراها.
ومع أن ظاهر هذا الكتاب أنه خاص بجبال تهامة وسكانها وما يتعلق بها، الواقع أنه يشمل الكلام على تهامة والحجاز. فنحن نجد أن ما يخص تهامة ينتهى عندما يقرب من ثلاثة أخماس الكتاب، أي في ص ٤٩. ثم نجد فصلا معقودا لحد الحجاز، يتناول كثيرا من البلدان والقرى والجبال والمواقع الحجازية المجاورة للمدينة. وهي وإن يكن ذكرها جاء تبعا لذكر تهامة لملاصقتها لها ومصاقبتها، فإنها ظفرت بنصيب وافر من عناية عرام، واحتلت مكانا أصيلا من الكتاب.
وأنت حينما تنتهى إلى خاتمة الكتاب تلفى هذا النص، «تم كتاب أسماء جبال مكة والمدينة وما يتصل بها».
وقد يوحى هذا النص بأنهما كتابان أحدهما لتهامة والآخر لمكة والمدينة. وليس الأمر إلا ما ذكرت من استطراد عرام، وأن كلمة «كتاب» لا تعنى إلا ما كتبه
_________
(^١) انظر دائرة المعارف الإسلامية (تهامة).
(^٢) المكتبة الجغرافية (٦: ١٥٥).
2 / 375
في هذه الناحية، فإن الأقدمين لم يذكروا لعرام إلا هذا الكتاب «كتاب أسماء جبال تهامة»، وعنه ينقل الناقلون والمؤلفون.
نسبة هذا الكتاب:
ينسب هذا الكتاب إلى «أبى الأشعث الكندي (^١)»، وهو عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك، وهو الذي روى الكتاب مباشرة عن «عرام». ولم أجد لأبى الأشعث ترجمة، ولكن من المرجح أنه من رجال القرن الثالث، إذ أن شيخه «ابن أبي سعد» كانت وفاته سنة ١٧٤.
ومن عجب أن ياقوتا لم ينسب الكتاب إلى عرام في مقدمته، ولكن نسبه إليه في مواضع مختلفة من صلب الكتاب.
وينسب هذا الكتاب أيضا إلى «السكوني»، قال البكري: «وجميع ما أورده في هذا الكتاب عن السكوني فهو من كتاب أبى عبيد اللّه بن بشر السكوني (^٢) في جبال تهامة ومحالها، يحمل جميع ذلك عن أبي الأشعث عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك الكندي، عن عرام بن الأصبغ السلمى الأعرابي».
وقد رجعت إلى النصوص التي عزاها البكري في معجمه إلى السكوني فوجدت كثيرا منها زائدا على كتابنا هذا، مما يدل على أن «السكوني» جعل الكتاب أساسه في الرواية، ولكنه زاد عليه كثيرا من التعليقات والإضافات، شأن كثير من رواة الكتب الأقدمين.
ومن أمثلة ذلك ما ورد في ص ٦٥٩ من معجم البكري: «وقال السكوني بإسناده عن موسى بن إسحاق بن عمارة قال: مررنا بالبغيبغة مع محمد بن عبد اللّه بن حسن وهي عامرة، فقال: أتعجبون لها، واللّه لتموتن حتى لا يبقى فيها خضراء ثم لتعيشن ثم لتموتن. وقال السكوني في ذكر مياه ضمرة: كانت البغيبغة وغيقة وأذناب الصفراء
_________
(^١) مقدمة معجم البلدان لياقوت ص ٨.
(^٢) السكوني هذا كندى أيضا مثل أبى الأشعث، فإن السكون، بفتح السين، بطن من كندة.
2 / 376
مياها لبنى غفار من ضمرة. قال السكوني: كان العباس بن الحسن يكثر صفة ينبع للرشيد فقال له يوما: قرب لي صفتها. فقال:
يا وادى القصر نعم القصر والوادي … من منزل حاضر إن شئت أو بادي
تلقى قراقيره بالعقر واقفة … والضب والنون والملاح والجادى»
فهذا نص واضح أنه ليس من كتاب عرام، وليس مما رواه السكوني عن عرام.
وفي ص ٨١١: «وروى السكوني عن رجاله عن طارق بن عبد الرحمن، قال لسعيد بن المسيب: مررنا على مسجد الشجرة فصلينا فيه. فقال: ومن أين يعلم ذلك؟ قال: سمعت الناس يقولونه ..» إلخ. فهذا تعليق على «الحديبية» ومسجدها.
وهو مسجد الشجرة، وليس هذا من كتاب عرام في شيء.
وهذا نص ثالث ليس من كتاب عرام ولا من منهجه في كتابه، قال السكوني (^١): إذا أردت أن تصدق الأعراب إلى العجز - يريد عجز هوازن - ترتحل من المدينة فتنزل ذا الغصة وهي للسلطان، فتصدق بنى عوال من بنى ثعلبة بن سعد. ثم تنزل الأبرق أبرق الحمى وهي لبنى أبى طالب. ثم تنزل الربذة ثم عريج وهي لحرام بن عدي بن جشم بن معاوية. ثم تنزل الماعزة - ويقال الماعزية - وهي لبنى عامر، من بنى البكاء، ثم تنزل بطن تربة فتصدق هلال بن عامر والضباب.
ثم تنزل تريم وهي لبنى جشم. ثم تنزل السى فتصدق بنى هلال، ثم ناصفة وهي لبنى زمان بن عدي بن جشم، ثم الشيسة وهي لبنى زمان أيضا، ثم ترعى وهي لبنى جداعة، ثم تأتى بوانة.
فهذا دليل دامغ أن كتاب السكوني في جبال تهامة هو رواية حرة لكتاب عرام اعتمدت على التعليقات الكثيرة والإضافات الاستطرادية، ويكون البكري فضفاض العبارة في كلمته التي سقتها له.
ومهما يكن فإن نسختنا هذه كريمة الإسناد، يرويها السيرافى، الذي قيل إنه وضع كتابا في جزيرة العرب، عن أبي محمد السكرى، عن أبي سعد، عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك المعروف بأبى الأشعث الكندي، عن عرام.
_________
(^١) معجم ما استعجم ١٢٣٦.
2 / 377
عرام بن الأصبغ السلمى:
ولم نعثر لعرام على ترجمة، إلا ما ذكره ابن النديم (^١) عرضا عند سرده لأسماء الأعراب الذين دخلوا الحاضرة، فذكره قرينا لأبى الهيثم الأعرابي، وأبى المجيب الربعي، وأبى الجراح العقيلي، وقد ذكره باسمه كاملا، «عرام بن الأصبغ السلمى».
ويبدو أنه كان أحد أعراب بنى سليم ممن كانوا يطوفون بالبلدان ويتعرفون مسالكها فيكتسبون بذلك خبرة صادقة. واشتقاق «عرام» من العرامة بمعنى الشدة والقوة والشراسة. ويقال: عرمنا الصبى وعرم علينا، أي أشر، وقيل فرح وبطر، وقيل فسد. و«الأصبغ» اسم أبيه مأخوذ من الأصبغ، وهو من الخيل ما ابيضت ناصيته كلها، ومن الطير ما ابيض ذنبه.
عرام النحوي:
وأما عرام الذي ذكره ابن النديم في الفهرست (^١)، والقفطي (^٢) في إنباه الرواة، فهو لقب لأحد النحويين. وعرام ليس اسما لذلك النحوي بل هو لقب له، واسمه أبو الفضل العباس بن محمد، أو المفضل بن عباس بن محمد. وكان هذا النحوي فيما ذكروا ماجنا رقيعا خفيف العقل، وهو بلا ريب غير عرام بن الأصبغ الذي يعد كتابه هذا وثيقة من أهم الوثائق البلدانية، وأما من أمهات المراجع الأصيلة.
نسخة الأصل:
أصل هذه النسخة فريدة في مكتبات العالم، وهو محفوظ في دار الكتب السعيدية بحيدر أباد في مجموعة برقم (٣٦٥ حديث) وتاريخها يرجع إلى سنة ٨٧٦.
والنسخة في ست ورقات، أي اثنتي عشرة صفحة، بكل صفحة منها ٢٥ سطرا.
ومقياس الصفحة ١٨ … ٢٠. وهي عسرة القراءة مكتوبة بخط نسخى غامض رديء فيه كثير من إهمال النقط، كما أنها كثيرة التحريف والتصحيف. وقد تغلبت على ما
_________
(^١) ابن النديم ١٢٧ مصر ٨٦ ليبسك.
(^٢) إنباه الرواة القسم الرابع من المجلد الثاني ص ٣٩٩ مصورة دار الكتب المصرية.
2 / 378
بها من عسر بالرجوع إلى كتب البلدان، وفي مقدمتها معجم ياقوت ومعجم البكري، وهما قد استوعبا معظم نصوص هذا الكتاب على ما بهما كذلك من تصحيف وتحريف. وكذلك استفتيت معاجم اللغة وغيرها من الكتب في جميع الفنون التي يتطلبها التحقيق، غير آل جهدا أن يظهر هذا الكتاب على أقرب ما يكون من السلامة.
تحقيق هذا الكتاب:
لم أكن أعرف شيئا عن وجود هذا الكتاب إلا ما كان يقع تحت نظري كثيرا عند مراجعتى لمعاجم البلدان من ذكر (عرام بن الأصبغ السلمى) حتى كان يوم لقيت فيه الصديق الكريم (الشيخ سليمان الصنيع)، وكنت قد شرعت في عمل علمي يرمى إلى نشر المخطوطات النادرة الصغيرة، وهو الذي أخرجت منه مجموعتين مشتملتين على تسعة كتب نادرة باسم «نوادر المخطوطات» فأخبرني حضرة الأخ أن لديه مخطوطة جديرة بالنشر، هي كتاب عرام هذا، ووعدني أن يرسله إلىّ من الحجاز لأقوم بتحقيقه ونشره، وكان أن برّ بما وعد به، وأرسل النسخة إلىّ فوجدتها مخطوطة سنة ١٣٦٨ عن نسخة نقلها الشيخ إبراهيم حمدى مدير مكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت بالمدينة عن نسخة الهند. ونسخة الأخ الشيخ سليمان هذه قد عنى بمراجعتها وتحقيق بعض مواضع منها.
ثم تفضل الشيخ الجليل (السيد محمد نصيف) فكتب إلىّ يشفع رغبة الشيخ سليمان برغبته الكريمة، وأرسل إلى نسخة أخرى نقلها الشيخ عبد الرحمن بن يحيى اليماني عن الأصل الهندي في دقة وإتقان ومطابقة للأصل.
ولكن ذلك كله لم يقنع ضميري العلمي، إذ أن أصل الكتاب موجود، وأن من الممكن الحصول عليه، فانتهزت فرصة رحلة الأخ البار (الأستاذ رشاد عبد المطلب) إلى الهند في بعثة جامعة الدول العربية لجلب صور مخطوطاتها النفيسة، فأوصيته أن يحضر معه صورة كتاب عرام. فكان له الفضل الطائل في أن تمكن من اجتلابها، فكانت هي الأصل الذي اعتمدت عليه في نشر هذا الكتاب.
فالشكر لحضرة الأخ (الشيخ سليمان الصنيع) على ما بذل من فضل بتعريفى بهذا
2 / 379
الكتاب وما قدم من خير، ولحضرة الأخ (الأستاذ رشاد عبد المطلب) الذي كان له فضل اجتلاب نسخة الأصل من الهند.
وليس يفوتني أن أجعل خاتمة كلمتي هذه شكر السيدين النبيلين (السيد محمد نصيف) و(السيد يوسف زينل)، لما أظهرا من اهتمام كريم بنشر هذا الكتاب، وما قاما به من الإنفاق على طبعه، إسهاما في نشر العلم وأداء الأمانة
القاهرة في غرة جمادى الثانية سنة ١٣٧٢ (^١)
عبد السلام هارون
_________
(^١) هذا هو تاريخ النشرة الأولى، وقد ظهر محرفا تحريفا مطبعيا فيما قبل فقرئ سنة ١٣٧٣.
2 / 380
نقد النشرة الأولى
ذاك ما كتبته في صدر نشرتى الأولى لكتاب عرام. وقد سرني عظيم السرور أن يظهر بعد نحو ثلاثة أشهر من ظهور هذه النشرة نقد علمي لها بقلم الأخ العالم الشيخ حمد الجاسر عضو المجمع العلمي العربي بدمشق، في مجلة المجمع ٢٨:
العدد الثالث ص ٣٩٦ - ٤٠٢ بتاريخ شوال سنة ١٣٧٢، والعدد الرابع ص ٥٩٢ - ٥٩٩ بتاريخ المحرم سنة ١٣٧٣.
وأنا ممن يعجبه النقد إعجابا، ويرى فيه إتماما لأداء الأمانة العلمية التي يحملها العلماء جميعا لا ينفرد أحد منهم بحملها وحده، ويرى كذلك أن من كتم الأمانة آثم في حقها وفي حق العلم.
فكان من الطبيعي عندي أن ألقى ذلك النقد في غبطة، وكان من الطبيعي أيضا أن أغض الطرف عما يندفع فيه الناقد أحيانا من لغة هي أشبه بنزوات الظافر في حومة القتال، فهي نزوات قل من عصم نفسه البشرية من أمثالها.
وقد كنت دعوت من قبل إلى أن يكون النقد بين الأدباء جاريا على سنن رفيع من أساليب التعبير، وأن يكون مبرأ من العوامل الشخصية، وكتبت قديما فيما كتبت في مجلة الثقافة العدد ٦٤٧ مايو سنة ١٩٥١:
«لم يعد النقد الأدبي كما كان بالأمس تجريحا وتشهيرا بالمنقود، بل آن أن نصطنع الجد فيما يمس أقدار الأدباء وكرامتهم العلمية، فإن العثار أمر يعرض للأدباء جميعا، لا يرتاب في ذلك إلا مغتر، أو ذاهب العقل، أو متهافت النفس. وأمر النقد لا يعدو أن يكون معاونة ومجادلة في الرأي، أو مشاركة في التهدى إلى الصواب. والنقد أبدا خادم للعلم، وليس ضربا هينا من فنون الهجاء، وإنما هو فن رفيع يتأتى إليه الأديب في خلق سمح وخطاب كريم».
وبهذه الروح التي أعتز بها وأومن بوحيها إيمانا صادقا، أنشر صدر كلمة الأستاذ الجاسر، وهي كلمة كريمة كنت أرجو أن تكون مبرأة من بعض الهنات التي
2 / 381
شوهت شيئا من قسماتها. ولكن الكمال للّه وحده.
وأعود هنا فأقول: إن النسخة التي تأدت إلينا من كتاب عرام عريقة في التصحيف والتعريف عسرة القراءة، بحيث تجعل المحقق في صراع مع كل لفظ من ألفاظها، وأحيانا بين كل حرف من حروف ألفاظها. ومهما بذل محقق جهده ووكده فليس بمستطيع أن يحررها تحريرا كاملا.
لذلك أيضا أعلن غبطتى بما ظفرت به هذه الرسالة من تحقيقات وتصحيحات وتعليقات للأستاذ الناقد الكريم، بلغت جميعها نيفا وعشرين، وسيرى القارئ أثر ما صحّ عندي من هذه النقدات والتعليقات في مواضعها إن شاء اللّه.
وقد ظنّ بنا الأستاذ الحاسر أنا قد اطلعنا على نشرة الأستاذ الميمنى عند تحقيق النشرة الأولى، وأنا كتمنا ذلك على القراء!! وهي تهمة ساذجة نرجو له من أجلها غفرانا واسعا من اللّه، فإني لم أر هذه النسخة للمرة الأولى إلا ظهر يوم الخميس ١١ شوال سنة ١٣٧٤ في دار صديقه وصديقنا الأستاذ رشاد عبد المطلب.
وإليك ما كتب الشيخ الناقد في صدر كلامه مقرونا بشكرى الصادق وعتبى الصادق أيضا:
2 / 382
أسماء جبال تهامة تأليف: عرام بن الأصبغ السلمى تحقيق: عبد السلام هارون الأستاذ المساعد بجامعة القاهرة لنشر هذه الرسالة قصة نجملها بأن الشيخ إبراهيم الخربوطلى مدير مكتبة (شيخ الإسلام) في المدينة (المتوفى سنة ١٣٧١) زار الهند في عام ١٣٥٧ فرأى العلامة المحقق الشيخ عبد العزيز الميمنى عضو المجمع العلمي العربي يقوم بنسخها، فساعده في مقابلة ما نسخه على الأصل، ونسخ هو نسخة أتى بها إلى الحجاز. ولما مر بجدة نزل في ضيافة السرى المفضال السيد محمد حسين نصيف وأطلعه على هذه النسخة، فاستنسخها الشيخ نصيف وأطلع عليها كثيرا من المعنيين بالعلم من علماء وغيرهم، فمنهم من نسخها ومنهم من استفاد منها، وكان ممن نسخها على نسخة الشيخ نصيف الشيخ سليمان الصنيع. وقد بذل جهدا مشكورا في تصحيحها بمقابلة ما جاء فيها على معجم البلدان ومعجم ما استعجم وغيرهما من الكتب، إذ نسخة الشيخ الخربوطلى كثيرة التحريف والغلط، زيادة على ما في الأصل من ذلك. ولما زار مصر أطلع الأستاذ عبد السلام محمد هارون على أمر هذه الرسالة لكي ينشرها في مجموعة من الرسائل النادرة (^١)، وبعث إليه بعد أن عاد من مصر بنسخة، ولكنه لم ينشرها بل قال في مقدمة المجموعة الثانية من (نوادر المخطوطات) ص ١١٦: «كنت قد اعتزمت أن أنشر في هذه المجموعة كتاب عرام بن الأصبغ السلمى في أسماء جبال تهامة .. ولكن علمت أن العلامة عبد العزيز الميمنى الراجكوتى قد قام بنشر هذا الكتاب، فآثرت أن أؤجل صنعه إلى أن أطلع على نسخته».
أما الشيخ الميمنى فقد نشر الرسالة - كما ذكر الأستاذ عبد السلام - نشرها في مجلة الكلية الشرقية التي تصدر في مدينة لاهور في الباكستان: Oriental)
_________
(^١) يعنى نوادر المخطوطات.
2 / 383
(College Magazine بعد أن وضع لها مقدمة وصف فيها الأصل، وتحدث عن مؤلف الرسالة. وأشار إلى شيء من خبر المكتبة السعيدية التي وجدت فيها.
وقد أراد الشيخ محمد نصيف نشر هذه الرسالة - لأنه لم يطلع على ما نشره الشيخ الميمنى فبعث بها إلى (المجمع العلمي العربي) فأرجعت إليه وقيل له:
ينبغي أن يقوم بتصحيحها فلان - كاتب هذا المقال - فبعث بها إلىّ، ولكنني رأيت تحقيقها تحقيقا مفيدا يتطلب الحصول على صورة عكسية من الأصل (فتوغرافية) وأبديت للشيخ نصيف عدم صلاحية نسخته للنشر قبل مقابلتها على الأصل مقابلة دقيقة، فبعث بها إلى الشيخ عبد الرحمن المعلمى اليماني - وكان إذ ذاك في الهند من القائمين على نشر الكتب التي تطبعها دائرة المعارف العثمانية في (حيدر أباد) فقابلها على الأصل مقابلة دقيقة، ونسخ نسخة أخرى عن الأصل بعث بها إلى الشيخ نصيف.
وبمقابلة تلك النسخة ظهر أن نسخة الشيخ الخربوطلى كثيرة التحريف والغلط.
ثم رأى الشيخ محمد نصيف أن يقوم بنشر الرسالة، وأن يتولى نشرها الأستاذ عبد السلام هارون. وكانت الإدارة الثقافية بجامعة الدول العربية قد بعثت إلى الهند السيد محمد رشاد عبد المطلب ليصور بعض المخطوطات العربية النادرة. فكان مما صور أصل هذه الرسالة.
وقد حرصت حينما كنت في القاهرة على الاطلاع على النسخة التي صورتها الإدارة الثقافية، ولكنني لم أتمكن من ذلك مع ما بيني وبين السيد محمد رشاد من الصلة - التي أعتبرها أنا قوية - وقد تكرم فأعارنى نسخة من النسخ التي طبعها الأستاذ الميمنى.
وقد اتصلت بالأستاذ الجليل الشيخ محب الدين الخطيب، وتحدثت معه في موضوع نشرها ولكنه قال: إن الأمر يتطلب وجود نسخة من الأصل.
ولعل اللّه أراد لهذه الرسالة خيرا - بإحيائها وتحقيقها من علامة محقق، ذي خبرة ودراية وطول معاناة، هو الأستاذ عبد السلام هارون.
وليس لنا من عتب نوجهه إلى إخواننا في مصر الذين قد تحول ظروفهم الخاصة دون اطلاعنا على ما نرغب الاطلاع عليه من الكتب التي لنا حق الاطلاع عليها -
2 / 384
وخاصة مخطوطات الإدارة الثقافية - نعم ليس من حق في عتبهم، فلعل لهم من العذر ما نجهله. غير أننا نعلم - كما يعلمون - أن التعاضد والتساند والتآزر في سبيل العلم أمور يجب أن تقدم على كل اعتبار.
وأما كلمتنا عن الأستاذ عبد السلام - في تحقيقه لهذه الرسالة - فهي تحوى شيئا من الاختلاف معه في شأن التحقيق، وهو اختلاف ما كنت أوده، إذ الاختلاف شر في جميع وجوهه، غير أن واجب العلم يقضى به. لقد قلت في كلمات نشرت في (الرسالة، ومجلة المجمع العلمي، ومجلة الفتح، ومجلة الحج) إن بعض إخواننا الجامعيين كالأستاذ مصطفى .. والأستاذ الدكتور زكى .. قاموا بتحقيق بعض المؤلفات أو ترجمتها قياما لا يناسب مع ما لهم من منزلة علمية رفيعة، وخشيت أن يكون ما قيل من أن بعض العلماء المشهورين يكتفى بوضع اسمه على المؤلف الذي يراد منه تحقيقه، ويكل الأمر إلى بعض إخوانه ممن لا يبلغون منزلته - خشيت أن يكون هذا حقا. أما الأستاذ عبد السلام فأنا أبرئه من هذه الوصمة، لأنى شاهدت من آثار عمله في تحقيق بعض المؤلفات القديمة ما لم أشاهده من كثير ممن يعنون بذلك.
وكنت أود أن أجد في هذه الرسالة ما وجدته في غيرها من الكتب التي حققها أو أكثر مما وجدته، غير أنني - وإن رأيت فيها ما يسر ويفيد ويمتع - رأيت كل هذا قليلا بالنسبة لما كنت أتوقعه من الأستاذ، ولكي أدلك على قولي يحسن بي أن أذكر بعض ما رأيته في حاجة إلى مزيد من العناية.
لم يشر الأستاذ عبد السلام إلى أن العلامة الميمنى نشر هذه الرسالة (^١)، والأمانة العلمية والاعتراف لكل ذي حق بحقه يقضيان بعدم إخفاء مجهود هذا المحقق (^٢)
_________
(^١) كيف يتفق هذا مع ما نقله الأستاذ من قولي، في مقدمة هذا المقال ص ٣٧٣ ص ١٩ - ٢٠.
(^٢) كذا طوع للأستاذ الجاسر قلمه ولسانه أن يزل هذه الزلة التي لا تليق برجل يعلمني حق العلم، ويعلم حرصي على التنويه بفضل كل ذي فضل، ولا سيما العلامة الميمنى الذي لا يكاد يخلو كتاب من كتبي من التنويه بفضله، وقد كنت شريكا له في نشر خزانة الأدب مع المغفور له أحمد تيمور باشا. والصلة بيني وبينه وثيقة لا يضيرها مثل هذا الادعاء. -
2 / 385
الذي لا يجهل باحث في الأدب العربي ما له من أياد في سبيل تحقيق كثير من الكتب الأدبية، ولا ينكر ما له من فضل وعلم. ولا أكون مبالغا حينما أقول بأن جهده في تحقيق هذه الرسالة لا يقل عن جهد الأستاذ عبد السلام إن لم يفقه؛ فالميمنى مثلا أوضح من حالة عرام وبين عصره فذكر أنه من أهل القرن الثاني وأول الثالث (^١) وأنه ممن دخل خراسان مع عبد اللّه بن طاهر سنة ٢١٧ وهذه من الأمور التي فاتت الأستاذ هارون، وهي أمور لا بدّ منها، إذ معرفة المؤلف أهم ما يعتنى به محقق الكتاب.
قد يقال بأن الأستاذ يجهل كون الميمنى قام بتحقيق هذه الرسالة. ولكن هذا يردّه أمور:
١ - أنه صرح بعلم بذلك قبل شروعه في تحقيق الرسالة.
٢ - أن السيد محمد رشاد عبد المطلب الذي قال الأستاذ هارون بأنه أوصاه بإحضار نسخة مصورة من أصل الرسالة فأحضرها، قد أحضر في الوقت نفسه نسخة من تحقيق الميمنى (^٢).
٣ - أنني نشرت في الرسالة في العام الماضي نبأ نشر الأستاذ الميمنى، أثناء نقدي لطبعة السقا لكتاب (معجم ما استعجم). وليس عبد السلام ممن يوصف بأنه لا يقرأ مجلة (الرسالة) وهو ممن يكتبون فيها (^٣).
_________
- أما السر في إخفائى مجهود هذا المحقق كما زعم الشيخ فهو أنى لم أكن رأيت هذا المجهود بعد، فكيف أظهر شيئا لا يزال عندي في ضمير الغيب؟!! وكيف يقال إني أخفيت ما لم يظهر لي بعد؟! وأما السر في عدم اطلاعى على نسخة الميمنى التي اجتلبها الأستاذ رشاد عبد المطلب من الهند فقد أفصح عنه الشيخ نفسه بقوله في هذا المقال: «وقد تكرم فأعارنى نسخة من النسخ التي طبعها الأستاذ الميمنى» لذلك لم تقع إلى هذه النسخة التي احتجزها الأستاذ الجاسر ويئست من الاطلاع عليها إلا يوم ١١ شوال من سنتنا هذه، كما أسلفت القول.
(^١) هذا يطابق تمام المطابقة ما ذكرته في نشرتى الأولى ص ٦ س ٥ - ٦ من المقدمة ولكن يأبى الأستاذ إلا أن يتلمس سواقط التهم.
(^٢) قد استعنت بالمنطق واستعان جمع غفير من أصدقائي ليجدوا نتيجة حتمية لهذا تتعلق بشخصى، فأعيتهم هذه النتائج. والواقع أن النسخة المصورة وردت مع بعثة الهند في حقائبها بالطائرة، وأما الكتب ومنها كتب الأستاذ رشاد الخاصة فوردت بطريق البحر بعد شهرين.
(^٣) ولكنهم لا يقرءون فيها كل شيء، وقد تفوتهم قراءة عدد بأكمله، وهذا ما حدث لي، فإني مع شديد الأسف لم أقرأ للأستاذ هذا النقد، وسأحاول أن أستفيد بقراءته إن شاء اللّه.
2 / 386
هذا الأمر - تجاهل الناشر لما يقوم به من سبقه في سبيل تحقيق ما يقوم بنشره - مما أخذ على الأستاذ السقا وأخذ على بعض العلماء الجامعيين. وكنا نود أن يتنزه عنه الأستاذ عبد السلام هارون (^١).
قال الأستاذ عبد السلام في مقدمة الرسالة: «أصل هذه النسخة فريدة في مكتبات العالم، وهو مخطوط في دار الكتب السعيدية بحيدر أباد في مجموعة برقم ٣٥٥ حديث وتاريخها يرجع إلى سنة ٨٧٦ والنسخة في ست ورقات، (أي في اثنتي عشرة صفحة)».
كذا قال الأستاذ ولكننا نجد الأستاذ الميمنى حينما وصف الرسالة قال: «يوجد في الخزانة السعيدية في حيدر أباد مجموعة فيها ٢٧ رسالة في الأحاديث والرجال. أولها خلق أفعال العباد للبخاري، ووافق الفراغ من كتابتها ١٨ جمادى الأولى سنة ٧٨٦ وثبت على طرة الخاتمة: بلغ مقابلة على الأصل المنقول منه في مجالس آخرها في ليلة يسفر صباحها عن يوم الخميس من ذي الحجة الحرام سنة ٧٨٧ كاتبه محمد بن علي.
ولكنه مع هذه الدعوى الفارغة آية في التصحيف والتحريف. ورقم كتاب عرام فيها ١٦ فيما بين ص ١٥١ - ١٥٩ أي إنه وقع في تسع صفحات فحسب».
هذا ما قاله الأستاذ الميمنى، وهو يخالف وصف الأستاذ عبد السلام في تاريخ النسخ، وفي عدد الصفحات، فأيهما أصح قولا؟ الظاهر أن الميمنى هو المصيب (^٢)، وأن الأستاذ عبد السلام نقل تاريخ النسخ عن نسخة سليمان الصنيع، وهو نقلها عن نسخة أصلها نسخة الخربوطلى التي جاء فيها التاريخ كما ذكر الأستاذ هارون، غير أن الشيخ نصيف لما بعثها إلى الهند لنقابل على الأصل كان مما صحح هذا الموضع، صححه
_________
(^١) نطلب من اللّه للأستاذ الجاسر غفرانا فيما رمانا به من سوء، ونتلو في ذلك قوله جل وعز: «وأن تعفوا أقرب للتقوى».
(^٢) قد يكون ذلك فيما يتعلق بتاريخ النسخ، فإن مصورتى خلو منها، واعتمدت على ما تأدى إلى من نسخة الشيخ سليمان الصنيع. أما فيما يتعلق بعدد الصفحات، فهو تجن محض من الأستاذ، فإن النسخة بيدي أقلبها مرارا. وقد حرصت في هذه النشرة أن أبين أوائل هذه الصفحات (الاثنتى عشرة) لا التسع كما نقل الشيخ عن العلامة الميمنى.
2 / 387
الأستاذ عبد الرحمن اليماني كما جاء في نسخة الأستاذ الميمنى، يضاف إلى ذلك أن الأنموذج الذي نقله الأستاذ مصورا في نسخته ليس فيه شيء من تاريخ النسخ مع أنه آخر الرسالة. فالظاهر أن الذين صوروها صوّروها وحدها وهي خالية من التاريخ فاعتمد الأستاذ عبد السلام على ما جاء في نسخة الأستاذ الصنيع، وهو غلط.
وبعد أن أورد الأستاذ أحمد الجاسر هذه النقدات في مقالين بمجلة المجمع قال في خاتمة قوله:
«هذا ما رأيت إيراده مما لاحظته على هذه الرسالة التي قام بتحقيقها السيد عبد السلام محمد هارون الأستاذ المساعد بجامعة القاهرة، ولا أريد أن أغمطه حقه أو أقلل من عمله، فهو أجل من أن ينكر فضله. وأنا أربأ بنفسي عن الاتصاف بصفة سيئة، ولكنني أردت المشاركة في إبراز هذه الرسالة إبرازا بجعل النفع بها تاما. وقد قام الأستاذ - في هذا السبيل - قياما مشكورا فرجع إلى ٣٢ كتابا من المراجع العامة، ووضع للرسالة فهارس شاملة لأسماء المواضع وللأعلام وللقبائل، وللنبات، وللحيوان، وللقوافى، وللغة، وزينها بكثير من الحواشى المفيدة، وشكل أسماء المواضع، فجاء عمله في هذه الرسالة - كعمله في غيرها من الكتب الكثيرة التي حققها - مفيدا نافعا».
هذا وليس يفوتني أن أكرر الثناء والشكر للأستاذ العلامة الجليل، ألهمنا اللّه وإياه التوفيق والسداد.
2 / 388
كتاب أسماء جبال تهامة وسكانها وما فيها من القرى وما ينبت عليها من الأشجار وما فيها من المياه رواية السيرافي بإسناده إلى
عرّام بن الأصبغ السّلمى
2 / 389
صورة للأسطر الأولى من نسخة الأصل صورة للأسطر الأخيرة من نسخة الأصل
2 / 391
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر بخير آمين
قال أبو سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي (^١): أخبرنا أبو محمد عبيد الله ابن عبد الرحمن السكري (^٢) قراءة عليه حدثنا عبد الله بن عمرو بن عبد الرحمن الوراق المعروف بابن أبي سعد (^٣)، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك أبو الأشعث قال: أملي على عرام بن الأصبغ السلمى قال:
_________
(^١) هو الحسن بن عبد اللّه بن المرزبان أبو سعيد القاضي السيرافى النحوي، أصله من سيراف، سكن الجانب الشرقي ببغداد وولى القضاء بها، وكان أبوه مجوسيا أسلم، واسمه بهزاذ، فسماه أبو سعيد عبد اللّه، وكان من أعلم الناس بنحو البصريين، وينتحل في الفقه مذهب أهل العراق، قرأ على أبى بكر بن مجاهد القرآن، وعلى أبى بكر بن دريد اللغة، ودرسا عليه جميعا النحو. وقرأ على أبى بكر بن السراج وعلى أبى بكر المبرمان النحو، وقرأ عليه أحدهما القراءات ودرس الآخر عليه الحساب. وكان زاهدا لا يأكل إلا من كسب يده ولا يخرج من بيته إلى مجلس الحكم والتدريس في كل يوم إلا بعد أن ينسخ عشر ورقات يأخذ أجرها عشرة دراهم. وله شرح كتاب سيبويه، وكتاب أخبار النحاة، وكتاب الإقناع في النحو، وكتاب جزيرة العرب. ولد قبل ٢٩٠ وتوفى سنة ٣٦٨. تاريخ بغداد (٧: ٣٤١ - ٣٤٢) وبغية الوعاة ٢٢١ ومعجم الأدباء (٨: - ١٤٥ - ٢٣٢) والبلدان (٥: ١٩٣) ونزهة الألباء ٣٧٩.
(^٢) هو عبيد اللّه بن عبد الرحمن بن محمد بن عيسى، أبو محمد السكرى. سمع زكريا بن يحيى المنقري صاحب الأصمعي، ومحمد بن الجارود الوراق، وإبراهيم بن الوليد الجشاش، و(عبد اللّه ابن أبي سعد الوراق)، وعبد اللّه بن مسلم بن قتيبة. وروى عنه الجعابي وأبو عمر بن حيويه.
وأحمد بن إبراهيم بن شاذان، وأبو الحسن الدارقطني. وكان ثقة جليلا. توفى سنة ٣٢٣.
تاريخ بغداد ٥٤٩٩. وفي الأصل: «عبيد اللّه بن عبد اللّه»، تحريف.
(^٣) في الأصل: «أبي سعيد»، محرف. وهو عبد اللّه بن عمرو بن عبد الرحمن بن بشر بن هلال. أبو محمد الأنصاري الوراق، المعروف بابن أبي سعيد، بلخى الأصل، سكن بغداد وحدث بها عن الحسين بن محمد المروزي، وعفان بن مسلم، وسليمان بن حرب، وهوذة ابن خليفة. وسليمان بن داود الهاشمي وغيرهم، وروى عنه ابن أبي الدنيا، وعبد اللّه بن محمد البغوي، و(عبيد اللّه بن عبد الرحمن السكرى)، والحسين بن القاسم الكوكبى، والحسين بن إسماعيل المحاملي وغيرهم. وكان ثقة صاحب أخبار وآداب وملح. ولد سنة ١٩٧ وتوفى سنة ٢٧٤. تاريخ بغداد ٥١٤٤.
2 / 395
أسماء جبال تهامة وسكانها وما فيها من القرى، وما ينبت عليها من الأشجار، وما فيها من المياه أولها (رضوى) من ينبع على يوم، ومن المدينة على سبع مراحل ميامنة طريق المدينة، ومياسره طريق البريراء (^١) لمن كان مصعدا إلى مكة، وعلى ليلتين من البحر. وبحذائها (^٢) (عزور (^٣» وبينه وبين رضوى طريق المعرقة (^٤) تختصره (^٥) العرب إلى الشام، وإلى مكة وإلى المدينة، بين الجبلين قدر شوط فرس. وهما جبلان شاهقان منيعان لا يرومهما أحد، نباتهما الشوحط والقرظ والرنف (^٦)، وهو شجر يشبه الضهياء.
والضهياء: شجر يشبه العناب تأكله الإبل والغنم، لا ثمر له. وللضهياء ثمر يشبه العفص لا يؤكل، وليس له طعم ولا ريح.
_________
(^١) البكري ٦٥٥: «البر»، تحريف.
(^٢) وقع في نسخة الميمنى: «بحذائه» محرفا عما في الأصل.
(^٣) بفتح أوله وسكون الزاي، وأصل معنى العزور السّيئ الخلق. وفيه يقول عمر بن أبي ربيعة:
أشارت بأن الحي قد حان منهم … هبوب ولكن موعد لك عزور
ويقول كثير:
تواهق بالحجاج من بطن نخلة … ومن عزور والخبت خبت طفيل
(^٤) ضبطها ياقوت بضم الميم وسكون العين وكسر الراء، ثم قال: وقد روى بالتشديد للراء والتخفيف، وهو الوجه، كأنه الطريق الذي يأخذ نحو العراق. أما البكري فقد ضبطها بفتح الميم والراء. وهذا الطريق سلكته غير قريش حين كانت وقعة بدر.
(^٥) اختصار الطريق: سلوك أقربه.
(^٦) بسكون النون. قال أبو حنيفة: «من شجر الجبال ينضم ورقه إلى قضبانه إذا جاء الليل، وينتشر بالنهار».
2 / 396