وكان من سكان المدينة، فلما خرج محمد بن عبد الله بن حسن بالمدينة هرب جعفر بن محمد إلى ماله بالفرع، فلم يزل هناك مقيما متنحيا عما كانوا فيه حتى قتل محمد، فلما قتل واطمأن الناس وأمنوا رجع إلى المدينة، فلم يزل بها حتى توفي سنة سبع أو ثمان وأربعين ومائة في خلافة أبي جعفر، وهو يومئذ ابن إحدى وسبعين سنة، وكان فاضلا تقيا ورعا، وتكذب عليه الشيعة كثيرا، وإليه تنسب الجعفرية، وكان أكثر كلامه حكمة، وكان أوفر الناس عقلا وأقلهم نسيانا لأمر آخرته، وهو القائل: ((أسرع الأشياء انقطاعا مودة الفاسق)).
وذكر مصعب الزبيري، عن مالك رحمه الله أنه قال: ((اختلفت إلى جعفر بن محمد زمانا وما كنت أراه إلا على ثلاث خصال: إما مصل، وإما صائم، وإما يقرأ القرآن، وما رأيته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على طهارة، وكان لا يتكلم في ما لا يعنيه، وكان من العلماء العباد الزهاد الذين يخشون الله، ولقد حججت معه سنة فلما أتى الشجرة أحرم، فكلما أراد أن يهل كاد يغشى عليه، فقلت له: لا بد لك من ذلك -وكان يكرمني وينبسط إلي- فقال: يا ابن أبي عامر، إني أخشى أن أقول: لبيك اللهم لبيك، فيقول: لا لبيك ولا سعديك.
قال مالك: ولقد أحرم جده علي بن حسين فلما أراد أن يقول: لبيك اللهم لبيك، أو قالها غشي عليه، وسقط من ناقته فهشم وجهه رضي الله عنهم أجمعين)).
وذكر أبو يحيى الساجي قال: حدثنا أحمد بن محمد، قال: نا المعيطي، قال: سمعت سفيان بن عيينة، قال: أربعة من قريش لا يعتمد على حديثهم: عبد الله بن محمد بن عقيل، وعاصم بن عبيد الله، وجعفر بن محمد، وعلي بن زيد)).
Shafi 135