Asl al-Zarari Sharh Sahih al-Bukhari - Manuscript

Abdul Qadir al-Astuwani d. 1314 AH
72

Asl al-Zarari Sharh Sahih al-Bukhari - Manuscript

أصل الزراري شرح صحيح البخاري - مخطوط

Mai Buga Littafi

عطاءات العلم - موسوعة صحيح البخاري

Inda aka buga

https

Nau'ikan

الدارقطني من جهة عبد الرزاق في «مسنده»، وعبد الرزاق فمن فوقه من رجال «الصحيحين»، وقال ابن رشد المالكي: (هو مرسل صحيح)، ولم يعتلَّ الشافعي إلَّا بإرساله، والمرسل حجَّة عندنا وعند مالك وأحمد، كما حكاه ابن العربي وابن الجوزي، وروي ذلك أيضًا من طرق (^١) سبعة متصلة [ذكرها جماعة، منهم ابن الجوزي. والثاني من المراسيل: مرسل الحسن البصري رواه الدارقطني] (^٢) بإسناده إليه، وهو أيضًا مرسل صحيح. والثالث: مرسل النخعي، رواه أبو معاوية، عن الأعمش، عن النخعي قال: «جاء رجل ضرير البصر، والنبي ﵇ يصلي...»؛ الحديث. والرابع: مرسل معبد الجهني، روي عنه من طرق متعددة. وأول المسانيد: حديث عبد الله بن عمر، وقد ذكرناه. والثاني: حديث أنس بن مالك رواه الدارقطني من طرق متعددة. والثالث: حديث أبي هريرة من رواية أبي أمية، عن الحسن، عن أبي هريرة ﵁، عن النبي ﷺ أنَّه قال: «من ضحك في الصلاة؛ أعاد الوضوء وأعاد الصلاة»، رواه الدارقطني. والرابع: حديث عمران بن الحصين عن النبي ﷺ: «من ضحك في الصلاة قرقرة؛ فليعد الوضوء والصلاة». والخامس: حديث جابر، أخرجه الدارقطني. والسادس: حديث أبي المليح بن أسامة، أخرجه الدارقطني أيضًا، كما ذكرناه. والسابع: حديث رجل من الأنصار: (أنَّ رسول الله ﷺ كان يصلي، فمرَّ رجل في بصره سوءٌ، فتردَّى في بئر، فضحك طوائف من القوم، فأمر رسول الله ﷺ من ضحك أن يعيد الوضوء والصلاة)، رواه الدارقطني وغيره. وزعم ابن حجر حاكيًا عمَّا زعمه ابن المنذر: (أجمعوا أنَّه لا ينقض خارج الصلاة، واختلفوا إذا وقع فيها؛ فخالف من قال بالقياس الجلي، أو تمسكوا بحديثٍ لا يصح، وحاشا أصحاب رسول الله ﷺ الذين هم خير القرون أن يضحكوا بين يدي الله تعالى خلف رسول الله ﷺ. قال في «عمدة القاري»: (قلت: هذا الزاعم أعجبه هذا الكلام المشوب بالطعن على التابعين الأئمة الكبار، وفساده ظاهر من وجوه: الأول: كيف يجوز التمسك بالقياس مع وجود الأخبار المشتملة على المراسيل والمسانيد؟! والمراسيل مع كونها حجة عندهم، فما قاله افتراء وتعصب. والثاني: أن قوله: «تمسكوا بحديث» لا يصح، وليس كما زعم، بل تمسكوا بالأحاديث الصحيحة المتواترة المكررة، واختلاف طرقها ومتونها ورواتها دليل قوتها وصحتها، فهذا الزعم باطل لا أحد يعرج عليه من الجهال المتعصِّبين فضلًا عن العلماء الموصوفين. والثالث: قوله: «حاشا من أصحاب رسول الله ﵇...» إلى آخره: هذا طعن في الأحاديث الصحيحة، وهو مردود عليه؛ لأنَّه كان يصلي خلف رسول الله ﷺ الصحابة وغيرهم من المنافقين والأعراب الجهال، وهذا من باب حسن الظن بهم، وإلا فليس الضحك كبيرة، وهم ليسوا من الصغائر بمعصومين، ولا عن الكبائر على تقدير كونه كبيرة، ومع هذا قد وقع من الأحداث في حضرته ﵇ ما هو أشد وأعظم من هذا، فما زعمه باطل لا يعتد به). وزعم ابن حجر بعد نقله عن ابن المنذر الذي ذكرناه على: (أنَّهم لم يأخذوا بمفهوم الخبر المروي في الضحك، بل خصُّوه بالقهقهة). قلت: هذا كلام من لا ذوق له في دقائق التركيب، وقد زاد في الطنبور نغمة على ابن المنذر، وكيف لم يأخذوا بمفهوم الخبر المروي في الضحك؟ ولو لم يأخذوا ما قالوا: الضحك يفسد الصلاة، ولا خصُّوه بالقهقهة، وقد ذكر صريحًا، كما جاء في حديث ابن عمر صريحًا، وجاء أيضًا بلفظ: (القرقرة) في حديث عمران بن حصين، والأحاديث تفسر بعضها بعضًا، فهذا الزعم باطل لا أصل له، بل هو زور وبهتان، كما لا يخفى على من له أدنى بيان. وإنما تنقض الوضوء القهقهة إذا صدرت من بالغ رجل أو امرأة، أمَّا قهقهة الصبي؛ فلا تنقض وضوءه إجماعًا، وتفسد صلاته، كذا في «المصفى» و«السراج»، ورجحه في «البحر»، ولا بد أن يكون البالغ يقظانًا، أمَّا قهقهة النائم في الصلاة؛ ففيها (^٣) قولان مصححان، واختار في «فتح القدير»: أنَّها تفسد الصلاة ولا تنقض الوضوء، وبه يفتى، كما في «الدر المختار»، وأمَّا قهقهة الناسي في الصلاة؛ فجزم في «التبيين» بالنقض؛ لأنَّ حالة الصلاة مذكِّرة، ورجحه في «البحر»، ومثل الناسي الساهي، كما في «الدر»، فإنَّه إذا تقهقه في الصلاة ساهيًا؛ انتقض وضوءُه على المختار، ولا بد أن تكون القهقهة في كل صلاة ذات ركوع وسجود، فلا تنقض القهقهة في صلاة الجنازة وسجدة التلاوة، لكن يبطلان، والتيمم كالوضوء، واتفقوا على أنَّ القهقهة لا تبطل الغسل، واختلفوا هل الوضوء الذي في ضمن الغسل ينتقض بها؟ فعلى قول عامة المشايخ: لا ينتقض، وهو الأصح، كما في «شرح الملتقى»، وصحَّح المتأخرون النقض، وهو اختيار الإمام قاضيخان، ورجحه في «البحر»، وقال غير واحد: إنَّه الصحيح، وهو الأحوط، والله أعلم. واختلف في القهقهة؛ فقيل: إنها من الأحداث، وقيل: إنَّها ليست من الأحداث، وإنما وجب الوضوء بها زجرًا (^٤) وعقوبة، وهو المعتمد، كما رجحه في «البحر» و«النهر» وغيرهما؛ لأنَّه الموافق للأحاديث المرويَّة فيها؛ لأنَّه ليس فيها إلا الأمر بالإعادة للوضوء والصلاة، ولا يلزم منه كونها حدثًا، وتمامه في «منهل الطلاب». (وقال الحسن)؛ أي: البصري، مما وصله ابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور بإسناد صحيح: (إن أخذ من شعره) أي: شعر رأسه أو شاربه (أو) من (أظفاره)، ولابن عساكر: (وأظفاره)؛ -بالواو- بعد الوضوء؛ فلا وضوء عليه، وكذا لو قشط خفه بعد مسحه؛ فلا إعادة عليه، والمراد من أخذ الشعر ما هو أعم؛ فيشمل القص والحلق والنتف بالنسبة للإبط، فلا إعادة عليه ولا مسحه في الجميع، خلافًا لأبي العالية، والحكم، وحماد، ومجاهد، وقال عطاء والنخعي والشافعي: (يمسه الماء)، (أو خلع) وفي رواية: بالواو (خفيه) أو أحدهما بعد المسح عليهما؛ (فلا وضوء عليه)، بل يغسلهما إذا أراد الوضوء، وبه قال الإمام الأعظم، والثوري، وأبو ثور، والشافعي في الجديد، والمزني، وقال مكحول، والنخعي، وابن أبي ليلى، والزهري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق: (يستأنف الوضوء)، وبه قال الشافعي في القديم، وقال مالك والليث: (يغسل رجليه مكانه، فإن لم يفعل؛ استأنف الوضوء)، وقال الحسن البصري وقتادة وروي عن النخعي: (أنه لا شيء عليه ويصلي). (وقال أبو هريرة) عبد الرحمن بن صخر ﵁، مما وصله إسماعيل القاضي في «الأحكام» بإسناد صحيح من طريق مجاهد عنه موقوفًا: (لا وضوء إلا من حدث) وهو لغة: الشيء الحادث، ثم نقل إلى المعاني الناقضة للطهارة، وإلى المنع المترتب عليها مجازًا، من باب قصر العام على الخاص، والأول هو المراد هنا، فالحدث عام في سائر الأحداث لا يختص بحدث دون حدث، فيشمل الخارج من السبيلين، والإغماء، والدم، والنوم، والجنون، والقهقهة وغيرها، ولا معنى لتخصيصه بالخارج من السبيلين؛ لأنَّ اللفظ عامٌّ، ولا دليل على التخصيص، والأصل عدمه، ومدَّعيه مطالَب بالدليل؛ فافهم. (ويُذكر) بضم المثناة (عن جابر) ﵁، مما وصله ابن إسحاق في «المغازي»، وأخرجه أحمد في «مسنده»، والحاكم في «مستدركه» وصحَّحه، وابن حبان في «صحيحه»، والدارقطني في «سننه»؛ كلهم من طريق ابن إسحاق، وإذا كان الحديث صحيحًا؛ فلمَ لم يجزم به المؤلف، وذكره بصيغة التمريض؟! لأجل الاختلاف في ابن إسحاق، كما في «عمدة القاري»، وما أجاب به ابن حجر والكرماني، فلا يعوَّل عليه؛ لأنَّه لا يقوله من له أدنى معرفة في العلم؛ فافهم. (أن رسول الله ﷺ كان في غزوة ذات الرِّقاع)؛ بكسر الرَّاء، جمع رُقعة؛ بضمها، سميت باسم شجرة هناك، وقيل: باسم جبل هناك فيه بياض وسواد وحمرة يقال له: الرِّقاع، فسميت به، وقيل: سميت به؛ لرقاع كانت في ألويتهم، وقيل: لأنَّ أقدامهم نقبت، فلفُّوا عليها الخرق، وهذا هو الصحيح؛ لأنَّ أبا موسى حاضر ذلك شاهده، وقد أخبر به، وكانت تلك الغزوة في سنة أربع من الهجرة، وذكر المؤلف:

(^١) في الأصل: (طريق). (^٢) ما بين معقوفين سقط من الأصل، استفدناه من «عمدة القاري». (^٣) في الأصل: (ففيه). (^٤) في الأصل: (جزرًا)، وهو تحريف عن المثبت.

أنها كانت بعد خيبر؛ لأنَّ أبا موسى جاء بعد خيبر، كذا في «عمدة القاري». (فرُمي) بالبناء للمفعول (رجل) هو عباد بن بشر (بسهم) من رجل من المشركين، وهو قائم يصلي، (فنزَف الدم)؛ بفتح الزاي، وفي رواية: (فنزفه الدم)؛ أي: خرج منه دم كثير حتى يضعف، كذا قاله الجوهري، وقول ابن التين: (كذا رويناه، والذي عند أهل اللغة: «نُزف» على صيغة المجهول؛ أي: سال دمه) فيه نظر؛ فافهم. (فركع) أي: الرجل، (وسجد، ومضى في صلاته)؛ أي: لم يقطعها، فاستدلَّ به الشافعي على أنَّ الدم إذا خرج وسال؛ لا ينقض الوضوء، والاستدلال غير ظاهر؛ لأنَّه يحتمل أنَّ الرجل قد قضى تلك الصلاة بعد أنَّ عصب جراحته، ومضيُّه فيها كان لعدم علمه بخروج الدم؛ بدليل ما في الحديث المذكور، ولمَّا رأى المهاجري بالأنصاري من الدماء؛ قال: سبحان الله! ألا نبهتني أول ما رمى؟ قال: كنت في سورة أقرؤها، فلم أحبَّ أن أقطعها، فنسب عدم القطع للسورة لا للصلاة، وهذا يدلَّ على أن المهاجري أنكر عليه ذلك حيث رآه في الصلاة ودمه سائل على ثيابه وبدنه، وهو يدلَّ على أن الأنصاري كان لا يعلم الحكم؛ لكونه حديث عهد بالإسلام، فعلم بذلك أنَّه لا يدري سيلان الدم منه فمضى في صلاته ثم قضاها، والدليل إذا طرقه الاحتمال؛ لا يصح الاحتجاج به. على أنَّ احتجاج الشافعي بالحديث مشكل جدًّا؛ لأنَّ الدم إذا سال؛ أصاب بدنه ورجله، وربما أصاب ثوبه وثيابه، ونزل عليه من الدماء، ومع إصابة شيء من ذلك، فإن كان يسيرًا؛ لا تصح الصلاة معه عنده، فكيف بالكثير الفاحش؟ وأجابوا عن ذلك: بأنَّ الدم كان يخرج من الجراحة على سبيل الزَّرَق حتى لا يصيب شيئًا من ظاهر بدنه. قلت: وهو بعيد جدًّا؛ لأنَّ الإنسان إذا جرحه موسًى أو قلم طراش جرحًا يسيرًا؛ لا بدَّ وأنَّ الدم يبقى على رأس الجرح؛ لأنَّ الدم ليس له قوة السيلان كالماء، بل هو ثقيل، وبمجرد خروجه يتجمَّد ويلطخ بالبدن والثوب، كما هو مشاهد بالعينين. وحاول ابن حجر الاستدلال لإمامه، وجعله للمؤلف حيث قال: (والظاهر: أنَّ المؤلف يرى أنَّ خروج الدم في الصلاة لا تبطل بدليل أنه ذكر عقيبه أثر الحسن). قلت: وهذه المحاولة لضعف استدلال إمامه فجعله للمؤلف، وهو بعيد غير صحيح أيضًا، فإن المؤلف لم ير ذلك ولا قال به، ونسبته لهذا القول رجمًا بالزعم الباطل، وأثر الحسن لا يدلُّ على شيء من ذلك أصلًا؛ لأنَّه لا يلزم من قوله: (يصلُّون في جراحاتهم) أن يكون الدم خارجًا سائلًا، ومن له جراحة؛ لا يترك الصلاة لأجلها، بل يصلي وجراحته إمَّا معصبة بشيء أو مربوطة بجبيرة، ومع ذلك لو خرج شيء من ذلك؛ لا تفسد صلاته بمجرد الخروج، ولا بدَّ من السيلان وخروجه إلى موضع يلحقه حكم التطهير؛ فافهم. واحتج أئمتنا الحنفية بأحاديث كثيرة صحيحة منها: ما رواه الإمام المؤلف في هذا الصحيح عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة ﵂ قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي ﷺ فقالت: يا رسول الله؛ إني أُستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ قال: «لا، إنَّما ذلك عرق، وليس بحيضة، فإذا أقبلت الحيضة؛ فدعي الصلاة، وإذا أدبرت؛ فاغسلي عنك الدم» قال هشام: (قال: أي ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت)، فهذا دليل واضح على أن سيال الدم ناقض للوضوء، لا يقال: قوله: «توضئي لكل صلاة» من كلام عروة؛ لأنَّ الترمذي لم يجعله من كلام عروة وصحَّحه، ولنا أحاديث غيره ستأتيك إن شاء الله تعالى؛ فافهم. (وقال الحسن) أي: البصري: (ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم)؛ جمع جِراحة؛ بكسر الجيم فيهما؛ أي: يصلون في جراحاتهم من غير سيلان الدم بأن تشدَّ بجبيرة أو تعصب بشيء، والدليل على ذلك ما رواه ابن أبي شيبة في «مصنفه»، عن هشيم، عن يونس، عن الحسن: (أنَّه كان لا يرى الوضوء من الدم إلا ما كان سائلًا)، هذا الذي روي عن الحسن بإسناد صحيح هو مذهب الإمام الأعظم وأصحابه، وهو حجة لهم على الخصم، فبطل بذلك قول القائل: (لكونه يرد ما ذهب إليه ويبطل ما اعتمد عليه)، وليس هذا شأن المصنفين، وإنَّما هو دأب المعاندين المتعصبين الذين يدقون الحديد البارد على السندان، وتمامه في «عمدة القاري»؛ فافهم. واعترض القسطلاني: (بأنَّ الأثر الذي رواه المؤلف ليس هو الذي ذكره ابن أبي شيبة، فإنَّ الأول روايته عن الصحابة وغيرهم والثاني مذهبٌ للحسن) انتهى. قلت: وهو ممنوع، بل الذي ذكره المؤلف هو عين ما ذكره ابن [أبي] شيبة، وهما في الحقيقة واحد، لكن دأب المؤلف الاختصار، فاقتصر المؤلف بهذه العبارة لبيان غرضه، وأحال على ما ذكره ابن أبي شيبة، وكلُّ ذلك مروي عن الصحابة، وهو مذهب الحسن؛ لأنَّه لو كان الأول روايته عن الصحابة والثاني مذهبٌ له؛ لكان مذهب الحسن مخالفًا لأقوال الصحابة، ويلزم منه القول بالرأي، وإذا وُجِدت أقوال الصحابة؛ لا مساغ للرأي عند وجودها، فثبت بذلك أنَّ الأثر المذكور وإن كان في الظاهر أنَّه أثران؛ لكنهما في الحقيقة أثر واحد مرويٌّ عن الصحابة، وهو مذهب الحسن؛ فافهم، ومنشأ الاعتراض إنَّما هو من التعصب والمحاولة؛ فافهم. (وقال طاووس)؛ هو ابن كيسان اليماني الحميري، واسمه ذكوان، وسمي طاووسًا؛ لأنَّه كان طاووس القراء، ووصل أثره ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، عن عبد الله بن موسى، عن حنظلة، عن طاووس، توفِّي طاووسًا بمكة يوم التَّروية سنة ست ومئة، وصلى عليه هشام بن عبد الملك، (و) قال (محمد بن علي)؛ أي: ابن الحسين بن علي بن أبي طالب ﵃، الهاشمي، المدني، أبو جعفر المعروف بالباقر، سمي به؛ لأنَّه بقر العلم؛ أي: شقَّه (^١) بحيث عرف حقائقه، وتوفي سنة أربع عشرة ومئة، وزعم الكرماني: (أنه يحتمل أن يكون محمد بن علي المشهور بابن الحنفية)، وهو بعيد؛ لأنَّ عادة المؤلف إذا روى عن ابن الحنفية؛ صرح بقوله: (عن ابن الحنفية)، ولم يصرح بـ (محمد بن علي) ويطلق، وهو دليل على أنَّه هنا ما ذكرناه؛ فافهم، وهذا الأثر وصله أبو بشر المشهور بسمويه في «فوائده» من طريق الأعمش، (و) قال (عطاء)؛ بالمد: هو ابن أبي رباح، وأثره وصله عبد الرزاق عن ابن جريج عنه، (و) قال (أهل الحجاز)؛ من عطف العام على الخاص؛ لأنَّ طاووسًا ومحمد بن علي وعطاء حجازيون، وغير هؤلاء الثلاثة مثل سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، والفقهاء السبعة من أهل المدينة، ومالك، والشافعي، وآخرون: (ليس في الدم) السائل (وضوء) بل يغسل عنه الدم، وقال الإمام الأعظم، وأصحابه، وجماعة من الصحابة، والتابعين، وأبو عمرو، والثوري، والحسن ابن حيٍّ، وعبيد الله بن الحسن، والأوزاعي، وأحمد ابن حنبل، وإسحاق ابن راهويه: إن الدم إذا سال ينقض الوضوء؛ لما رواه الدارقطني: «إلا أن يكون دمًا سائلًا»، وفيه أحاديث أخرى دالَّة على ذلك، فإن كان الدم يسيرًا غير خارج ولا سائل؛ فإنَّه لا ينقض الوضوء عندهم جميعًا، وما أعلم أحدًا (^٢) أوجب الوضوء من يسير الدم إلا مجاهد وحده، وهذا الأثر ليس بحجة لمن قال: ليس في الدم السائل وضوء؛ لأنَّهم لا يرون العمل بفعل التابعين، ولا هو حجة على السادة الحنفية ومن تابعهم؛ لأنَّه لا يدل على أنَّ طاووسًا ومن معه كانوا يصلُّون والدم سائل؛ لأنَّ ذلك متعذر، ولئن سلَّمنا ذلك؛ فهو اجتهاد منهم، وقد قال الإمام الأعظم التابعي الجليل: «التابعون رجال، ونحن رجال يزاحمون ونزاحمهم»؛ والمعنى: أن أحدًا منهم إذا أدَّاه اجتهاده إلى شيء لا يلزمنا الأخذ به، بل نجتهد كما اجتهدوا، فما أدى اجتهادنا إليه؛ عملنا به وتركنا اجتهادهم، والظاهر: أنَّ هذا الأثر ليس بمروي عن النبي ﵇، وإنما هو اجتهاد منهم، فلا يلزمنا اتباعهم، بل نتبع المرويَّ عن النبي الأعظم ﷺ صريحًا، فإنَّه صرَّح بلزوم الوضوء من الدم السائل، وهو مذهبنا، وهو الحقُّ، وأدين الله عليه، والله أعلم. (وعصر) عبد الله (ابن عمر) بن الخطاب ﵄، مما وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح (بَثْرة)؛ أي: واحدة في وجهه، كما صرح به

(^١) في الأصل: (سنَّه)، ولعل المثبت هو الصواب. (^٢) في الأصل: (أحد).

1 / 72