فمد يده إلى جيبه وأخرج نقودا في منديل وقال لها (جاعلا تلك الصرة في يدها بإشارة لطيفة): مرادي أن أكلفك قضاء أمر أرجو ألا يكون صعبا لديك.
قالت وقد وضعت الدراهم في جيبها: ثق يا حبيبي أنك بمعزة ولدي، وما يهمك يهمني، وقد عتبت عليك لدفعك لي دراهم، ولم أقبلها إلا مرضاة لك.
فقال عزيز: ليس لنا بركة إلا فيك يا خالتي، وأما ما أطلب إليك قضاءه فهو: هل تعرفين فلانا باشا؟
فقهقهت دليلة قائلة: أليس الباشا المورالي الذي كان أبوه في جند إبراهيم باشا عند عوده من حرب المورا، فإني أعرفه جيدا، وأعرف امرأته وهي تعرفني، وكل يوم تقريبا أراها، وذلك من يوم أتى بها من بر الشام؛ لأنه تزوج بها هناك.
قال: وهل تعرفين ابنته فدوى ذات الحسن والجمال والبهاء والكمال .
قالت: كيف لا أعرفها وهي عندي بمنزلة ابنتي، وقد عرفتها منذ نعومة أظفارها.
قال عزيز: لقد قضي الأمر؛ فإذا كانت هي - كما تقولين - بمثابة ابنتك، أظنك لا تكرهين أن أكون عندك بمثابة صهرك. فسكتت هنيهة ثم قالت: ذلك أمر سهل، ولا يكون إلا ما تريد؛ فأنت شاب غني، وهي لا تطمع بمن هو أكثر منك مالا، وأعظم نوالا، ولكني علمت منذ بضعة أسابيع أنها معقود عليها لأحد شبان العاصمة.
فقاطعها عزيز قائلا: لم يعقد له عليها، وإنما طلبها من أبيها ولم ترض هي، وقد ترتب على ذلك ميله إلى الانتقام منها. فامدديني برأيك لعلي أكسب رضاء تلك العذراء؛ لأني أحبها حبا زائدا.
قالت: عليك بمرضاة أبيها، وعلي مرضاة أمها. أما هي فلا أظنها تخالف والديها.
قال: وما الذي يرضي أباها؟ وإلام تتوق نفسه؟
Shafi da ba'a sani ba