فقال: إنه اتفاق عجيب، والرجل قد جاء من مصر غيرة علينا، وقد سألني عنك كثيرا، فازدادت هي غيظا حتى لم تعد تقدر على إخفاء ما بها، فقالت: وما الذي حمله على افتقاد من لم يخطر لهم في بال؟
فضحك والدها قائلا: ألا تزالين حاقدة عليه يا عزيزتي؟
قالت: نعم، يا سيدي، ولن أزال ما بقيت حية.
فقال: يا للعجب، وقد عهدتك سليمة القلب وأنت في صحة! فكيف وأنت في مرض؟! فهلا صفحت وأخلصت النية.
قالت: وفي أي شيء؟
قال: في أمر هذا الفتى، فإني لم أعد أرى منه من يوم تلك الحكاية إلا إخلاصا ومحبة.
فازداد اضطرابها لتذكرها الأيام الغابرة، وأرادت التكلم فلم تستطع، وغلب عليها البكاء، فألقت نفسها على الفراش وأخذت في البكاء.
فحاول والدها إسكاتها فلم يستطع، فاغتاظ منها ونسي محبته لها وانتهرها قائلا: كفى يا فدوى، كفى ما أصابك! ألا تزالين مشغوفة بحب الأموات، ومفضلة إياهم على الأحياء؟!
فلم تزدد إلا بكاء، فكلمها ثانية فلم تجبه، فازداد غضبه فتركها وخرج مغلقا الباب وراءه.
الفصل السبعون
Shafi da ba'a sani ba