فلما كان وقت العشاء طلبوا الطعام إلى الغرفة بدعوى أن السيدة لا تجالس النزلاء الغرباء على المائدة العمومية، وتغير الجو تلك الليلة، وتساقطت الأمطار غزيرة، ففضل الباشا الرقاد باكرا استدفاء بالفراش.
أما فدوى فقضت كل ذلك الليل وهي في بلبال من أمر ذلك الدبوس.
الفصل الثاني والستون
الدكتور «ن»
وفي الصباح التالي، نهض والدها فرآها في حالة يرثى لها من الضعف والاصفرار، فقلق على صحتها وعزم أن يأتيها بالطبيب يستشيره بأمرها، فسار بعد الغداء إلى قاعة الاستراحة وبعث إلى صاحب الفندق، فلما حضر قال له إنه يريد استحضار أشهر طبيب في بيروت لمشاهدة ابنته.
فقال الرجل: إن في بيروت، يا سعادة الباشا، أطباء ماهرين.
فقال الباشا: أنا أعلم ذلك، وإنما سألتك عن أشهر طبيب فيهم.
فقال : إن لكل طبيب شهرة في فرع من فروع الطب.
قال: أريد أشهر طبيب في الأمراض العمومية الضعفية.
قال: إن في هذه المدينة طبيبا هو من أعرف الأطباء في هذه الأمراض، وإن يكن مشهورا على نوع خاص بأمراض العين، يقال له الدكتور «ن»، فإن هذا الرجل فضلا عن سعة اطلاعه في فن الطب وغيره من الفنون، قد خصه الله باللطف والإيناس، فإن كلم المريض طيب خاطره، وخفف أوجاعه بلطف حديثه قبل أن يصف له الدواء. ومما يزيده تمكنا من تشخيص الأمراض سعة اختباره، فقد أقام بين أظهرنا نحو خمسين عاما بين تطبيب وتدريس في فن الطب، فترى أهل سورية عموما يعتقدون في صدق تشخصيه اعتقادا غريبا، وهو قادر لحسن فراسته أن يعرف الداء بمجرد النظر إلى المريض.
Shafi da ba'a sani ba