وفي تقريره تميما [رضي الله عنه] على قصة الجساسة، وما ذكر معها، مما يقوي التردد فيه، ومع ذلك ففي قول من قال في الحديث الذي أخرجه أبو داود كما تقدم أنه ابن صياد ولو أسلم، ولو دخل المدينة، ولو مات، إشارة إلى أن أمره ملتبس، وأنه جائز أن يكون ما ظهر من أمره إذ ذاك، لا ينافى ما يقع منه بعد خروجه في آخر الزمان، وحينئذ فيحتمل في طريق الجمع بين خبر تميم الداري وما عرف من حال ابن صياد، أن الله سبحانه وتعالى أخرجه إلى الجزيرة المذكورة على الصفة المذكورة في ذلك الوقت، حتى رآه تميم ومن معه، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما سمع منه في ذلك ليكون موعظة وتحذيرا من فتنته إذا خرج.
وفيه إشارة إلى أن أموره ملتبسة، غير متضحة. ويحتمل أن يكون الله سبحانه وتعالى أظهر لأولئك مثالا على صفته بما يؤول إليه حاله، بعد أن يتحول من المدينة الشريفة التي من شأنها أن تنفي خبثها، وأنه يسجن في تلك الجزيرة إلى أن يأذن الله تعالى في خروجه في الوقت الذي يريده، ويكون ذلك من جملة الأمور التي يستمر فيها خفاء حاله، وعدم الوقوف على حقيقة أمره، لما يريده الله تعالى من الإفتتان به في أول أمره وفي آخره.
وقد اختلف في الوقت الذي فقد فيه، فأخرج أبو داود من طريق
Shafi 36