توهم الإنسان الجاهل أن الله سلطه علينا وأحل له دمنا، فافترقنا في تلك الساعة، وأوى وأوينا إلى المغاور والكهوف، وكانت حرب دائمة بيننا، وبين أبناء المرحوم عمنا، ثم ما بيننا على اختلاف الأنواع والفصائل، فبتنا لا عهد لنا ولا ميثاق، ولا ذمة ولا دين، شريعتنا الظفر والناب، ودستورنا الغدر والفتك، زعيمنا منبوذ، وسيدنا مخوف، وقوينا يأكل ضعيفنا.
فلنتق الله أيها الإخوان، فقد بدا لي أن الله انحرف صوبنا، أوحى إلي أمس أن ادع إخوانك إلى عبادتي، وأنا أسلطكم على الناس الذين عصوني وتمردوا علي، فإن آمنتم بي كنتم أسيادا في الأرض وقديسين في السماء.
فهل لنا أيها الإخوة أن نتحد ونعيش بحرية وإخاء ومساواة، وننسى الثارات والدم؟ فنبني لنا هيكلا نعبد الرب فيه ويكون بيتا وحصنا لنا نأوي إليه في النوائب والشدائد؟ ما نعم الناس واستراحوا إلا حين تحضروا وتعبدوا، اعملوا مثلهم تتقوا شرهم الذي لا يحلم به وحش يجري في عروقه دم الشرف.
فعلا التصفيق الحاد، وعر أحدهم هاتفا: يعيش ملكنا الأسد، يا ...
فردد الجميع: يعيش، يعيش، يعيش!
وازبأر النمر فأرعب المحفل، ولولا العهد لخلا الوادي.
وظن الأسد بالنمر شرا فاحمرت عيناه، فشزره النمر كأنه يقول له: لا تخف فأنا لا أنقض عهدا، ولا أحنث في يمين ثم قال: اجتمعت بأخي الأسد الذي انتصر من سبط رئبائيل، وآمنت إيمانا ثابتا بما أنزل عليه.
إن الأسد العظيم لا يبغي إلا رقيكم معشر الحيوان، وقصده تخفيف ويلاتكم، وحمل أوجاعكم.
فطقطقت الحوافر استحسانا وضج المؤتمرون، وحمحم البغل: الأسد مليكنا والنمر وزيرنا!
وتهيأ الأسد للكلام ثم قال: لا سعادة لنا ولا اطمئنان إذا لم نبن الهيكل الأعظم، فلنبن هيكلا نأوي إليه شتاء وصيفا كإخوتنا البشر، فنصلي به إلى الله في ضيقتنا وشدائدنا، وسليمان الذي يفهم لساننا يكون شفيعنا لدى الله، فهل تريدون أن تتحدوا وتعملوا يدا واحدة؟
Shafi da ba'a sani ba