Ashbah Wa Nazair
الأشباه والنظائر على مذهب أبي حنيفة النعمان
Mai Buga Littafi
دار الكتب العلمية
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤١٩ هـ - ١٩٩٩ م
Inda aka buga
بيروت - لبنان
Nau'ikan
Ka'idodin Fiqhu
الْخَامِسَةُ: وَنَظِيرُ الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ قَاعِدَةٌ خَامِسَةٌ؛ وَهِيَ:
"دَرْءُ الْمَفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ.
فَإِذَا تَعَارَضَتْ مَفْسَدَةٌ وَمَصْلَحَةٌ قُدِّمَ دَفْعُ الْمَفْسَدَةِ غَالِبًا؛ لِأَنَّ اعْتِنَاءَ الشَّرْعِ بِالْمَنْهِيَّاتِ أَشَدُّ مِنْ اعْتِنَائِهِ بِالْمَأْمُورَاتِ، وَلِذَا قَالَ ﵇ ﴿إذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ﴾، وَرَوَى فِي الْكَشْفِ حَدِيثًا ﴿لَتَرْكُ ذَرَّةٍ مِمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ أَفْضَلُ
مِنْ عِبَادَةِ الثَّقَلَيْنِ﴾ وَمِنْ ثَمَّ جَازَ تَرْكُ الْوَاجِبِ دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ، وَلَمْ يُسَامَحْ فِي الْإِقْدَامِ عَلَى الْمَنْهِيَّاتِ. خُصُوصًا الْكَبَائِرَ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْبَزَّازِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: وَمَنْ لَمْ يَجِدْ سُتْرَةً تَرَكَ الِاسْتِنْجَاءَ، وَلَوْ عَلَى شَطِّ نَهْرٍ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ رَاجِحٌ عَلَى الْأَمْرِ حَتَّى اسْتَوْعَبَ النَّهْيُ الْأَزْمَانَ، وَلَمْ يَقْتَضِ الْأَمْرُ التَّكْرَارَ (انْتَهَى)
وَالْمَرْأَةُ إذَا وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ، وَلَمْ تَجِدْ سُتْرَةً مِنْ الرِّجَالِ تُؤَخِّرُهُ، بِخِلَافِ الرَّجُلِ إذَا لَمْ يَجِدْ سُتْرَةً مِنْ الرِّجَالِ لَا يُؤَخِّرُهُ وَيَغْتَسِلُ.
وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ إذَا لَمْ يَجِدْ سُتْرَةً يَتْرُكُهُ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّجَاسَةَ الْحُكْمِيَّةَ أَقْوَى، وَالْمَرْأَةُ بَيْنَ النِّسَاءِ كَالرَّجُلِ بَيْنَ الرِّجَالِ، كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ
وَمِنْ فُرُوعِ ذَلِكَ:
الْمُبَالَغَةُ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ مَسْنُونَةٌ، وَتُكْرَهُ لِلصَّائِمِ وَتَخْلِيلُ الشَّعْرِ سُنَّةٌ فِي الطَّهَارَةِ، وَيُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ، وَقَدْ تُرَاعَى الْمَصْلَحَةُ لِغَلَبَتِهَا عَلَى الْمَفْسَدَةِ؛ فَمِنْ ذَلِكَ الصَّلَاةُ مَعَ اخْتِلَالِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهَا مِنْ الطَّهَارَةِ أَوْ السَّتْرِ أَوْ الِاسْتِقْبَالِ؛ فَإِنَّ فِي كُلِّ ذَلِكَ مَفْسَدَةً لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِخْلَالِ بِخِلَالِ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَنْ لَا يُنَاجَى إلَّا عَلَى أَكْمَلِ الْأَحْوَالِ وَمَتَى تَعَذَّرَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ جَازَتْ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ تَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ عَلَى هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ.
وَمِنْهُ الْكَذِبُ مَفْسَدَةٌ مُحَرَّمَةٌ، وَهُوَ مَتَى تَضَمَّنَ جَلْبَ مَصْلَحَةٍ تُرَدُّ، وَعَلَيْهِ جَازَ كَالْكَذِبِ لِلْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ، وَعَلَى الزَّوْجَةِ لِإِصْلَاحِهَا، وَهَذَا النَّوْعُ رَاجِعٌ إلَى ارْتِكَابِ أَخَفِّ الْمَفْسَدَتَيْنِ فِي الْحَقِيقَةِ.
السَّادِسَةُ: الْحَاجَةُ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ، عَامَّةً كَانَتْ أَوْ خَاصَّةً،
وَلِهَذَا: جُوِّزَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِلْحَاجَةِ وَكَذَا قُلْنَا لَا تَجُوزُ إجَارَةُ بَيْتٍ بِمَنَافِعِ بَيْتٍ لِاتِّحَادِ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ فَلَا حَاجَةَ بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَفَ، وَمِنْهَا: ضَمَانُ الدَّرَكِ جُوِّزَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ.
وَمِنْ ذَلِكَ: جَوَازُ السَّلَمِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ؛ لِكَوْنِهِ بَيْعَ الْمَعْدُومِ دَفْعًا لِحَاجَةِ الْمَفَالِيسِ، وَمِنْهَا جَوَازُ
1 / 78