المقدمة
هذه أسطورة شرقية بابلية نشأت حوادثها في منزلين متلاصقين في جوار السور العظيم الذي سورت به سميراميس مدينة بابل، وانتهت في ظاهر المدينة تحت شجرة من التوت الأبيض قرب عين ماء تجاور قبر نينوس الملك، انتهت بمصرع عاشقين انتحر كل منهما أسى على صاحبه، وسقى دمهما عروق شجرة التوت الأبيض، فتحولت إلى توتة حمراء أو ما نسميه بالتوت الشامي، ولبست أثمارها البيضاء ثوب السواد حدادا على العاشقين، ولا تزال تحد عليهما إلى ما شاء إلهة الحب والأساطير.
وأول من ذكر هذه الأسطورة أوفيد الشاعر اللاتيني في كتابه «التحول»، ولا بد من أن يكون قد استقاها من ينبوع بابلي، بيد أن ما بقي من الكتابات البابلية لا يشير إليها.
وقد وضع الروائي الفرنسي تيوفيل ده دفيو في هذه الأسطورة مأساة دعاها بيرام وتسبا، ونقلت إلى العربية ومثلت مرارا، وعلى بحثي في المكاتب لعلي أقع على نسخة منها، وسؤالي غير واحد من قدماء الأدباء لأعرف من هو معربها، لم أصل إلى ما أردته.
وللشيخ عبد الله البستاني قصيدة سماها الفرصاد أي التوت الشامي سرد فيها حوادث هذه المأساة الفاجعة. (8) سليمان وبلقيس
المقدمة
ولد سليمان لداود ملك إسرائيل من بتشابع امرأة أوريا التي أخذها داود امرأة له بعد أن فتك بزوجها، واسم سليمان عبري ومعناه «ذو سلام» وأصله في العبرية «شليم» والألف والنون للنسبة، وكانت مملكة والده تمتد من نهر الفرات إلى تخوم مصر ومن البحر المتوسط إلى خليج العقبة، وقد ازدهرت هذه المملكة وزادت اتساعا في أيام سليمان، وامتدت تجارتها حتى بلغت أوفير في نواحي الهند، وعقد سليمان معاهدة تجارية مع حيرام ملك صور، واستمد مساعدته لبناء هيكل أورشليم، فأمده من لبنان بالصناع وبخشب الأرز والسرو والصندل.
وبنى سليمان مدنا كثيرة للخزن، وبنى تدمر في البادية، بين الشام والفرات، محطة لقوافله، وحماية لها من غارات العرب الرحل، ولكي يأخذ مكوسا على أصناف التجارة التي كانت تجتاز مملكته.
أما بلقيس فيقول مؤرخو العرب: إنها بلقمة بنت شرحبيل بن مالك بن الريان، ويتصل نسبها بيعرب بن قحطان. وضربوا بها المثل في المجد والعزة والجمال.
وأسطورة سليمان وبلقيس التي نحن في صددها عربية صميم، وهي وإن اتفقت في أصولها وما جاء في الكتب المنزلة وأقوال المؤرخين، تتباين وإياها في أمور كثيرة، ولا عجب فللخيال في الأساطير المقام الأول، ولولاه لما كان فيها متعة ولذة.
Shafi da ba'a sani ba