وعلى غير المتوقع اهتز قلب الأثير بالنبأ الخطير: أن الألمان داخل أبواب باريس! وقد سلمت باريس نفسها إلى الغزاة، وانهارت الجمهورية الثالثة، ومضى القدر في سخريته فحل عيد الحرية بعد أيام من هذا الحادث فإذا الأحرار مستعبدون وإذا مدينة النور ترسف في الظلام. وقد صور الشاعر إحساسه بذلك الحادث التاريخي ذاكرا باريس في محنتها، مطوفا بمعالمها الحبيبة إلى نفسه، وكيف لا يذكر الشعر الكونكورد ونافورتيه العظيمتين والمسلة المصرية السامقة؟ وكيف لا يهيب بنابليون في مرقده بالأنفليد؟ وكيف لا يهتف بالثوار في ساحة الباستيل؟ بل كيف لا يبكي أجمل الليالي وأمجد أعياد الحرية في حدائق فرساي! وأخيرا كيف لا يذكر الشعر فرنسا بمبادئ ثورتها التي كفرت بها حتى سول الجنرال سراي لنفسه أن يقذف عاصمة الأمويين بقنابل مدافعه منذ ستة عشر عاما!
سألوني عن بياني وقصيدي
أسفا. باريس! قد مات نشيدي!
لك ذكراك ولي عهد بها
كيف أنسى ذكرياتي وعهودي
أنا لا أنسى ليالي على
روضك الرفاف بالزهر النضيد
ثمر الفكر ومجنى نوره
ومراح العين والقلب العميد
خطرة عابرة عدت بها
Shafi da ba'a sani ba