فبغتت، وخفق قلبها فرحا، وقالت: «تمهل قليلا؛ لأن في دخولك الآن بغتة خطرا عليها، فاصبر قليلا غير مأمور لأمهد السبيل لملاقاتكما.»
ثم دخلت على سيدتها، وعلى وجهها أمارات البشر، وهي تضحك، فلما رأتها أرمانوسة عجبت لسرورها فقالت: «ما وراءك يا بربارة؟» قالت: «ما ورائي إلا الخير.»
قالت: «ومن القادم؟» قالت: يقول إنه صديق مرقس، وقد جاء لينبئك بنجاة عروسه من يد اللصوص.» قالت: «قد سررت كثيرا بنجاتها، ولكنني لا أرى ذلك داعيا لما يظهر من سرورك.»
قالت: «وما عسى أن يكون سبب سروري إذن؟ وهل يكون سروري برسول قادم من عند أركاديوس أكثر من ذلك؟ كلا، لأن هذا إنما يسرك أنت، وأما أنا فلا ناقة لي فيه ولا جمل.»
فبغتت أرمانوسة ونهضت قائلة: «هل هو رسول من أركاديوس يا بربارة؟ أخبريني ما هي رسالته؟»
قالت: «لا أعلم إذا كان رسولا من أركاديوس أو هو أركاديوس عينه؟» وتبسمت، فقالت أرمانوسة: «ما بالك تخلطين؟! أفصحي. أتهزئين بعواطفي وتسخرين من قلبي؟!»
قالت: «حاش لله يا سيدتي، كيف تقولين ذلك وأنت تعلمين حرمتك عندي؟ إن الواقف بالباب الآن إما أن يكون أركاديوس أو رسولا من عنده، وقد تركت أمر تمييزه حتى أستشيرك، فهل تريدين أن يكون أركاديوس أو رسولا من عنده؟»
قالت: «لا أعلم، سلي قلبك، ولكن أرجو أن تسرعي في الإفصاح فقد نفد صبري، هل هو أركاديوس أو رسوله؟ قولي.»
قالت: «إذا كنت لا تغضبين مني فهو سيدي وحبيبك أركاديوس، فهل تأذنين له بالدخول؟» فخفق قلبها فرحا، وعلا وجهها الاحمرار، ثم تلاه الاصفرار، وقالت وصوتها يرتجف: «فليدخل.» ثم استأنفت فقالت: «ولكن تمهلي يا بربارة. إني أرى قلبي يخفق كثيرا، ولا أدري ماذا يحل بي عند مقابلته؟»
فقالت لها: «تجلدي، وإلا فإني أقول له إن سيدتي ليست هنا، أو أنها لا تريد مقابلتك. وليهدأ قلبك فإنه لابس لباس الجند حتى إنك ربما لا تعرفينه، فهل يدخل.»
Shafi da ba'a sani ba