55

Dare Mafi Arha

أرخص ليالي

Nau'ikan

ولكن الحقيقة كانت تلاحقنا.

وخفنا أن نصدق، ورحنا نراوغها ونسابق بعضنا بعضا في المراوغة والهروب، ونسرع في اعتصار أنفسنا، وضم قوانا، ويزداد إيماننا بخداع الحقيقة.

وجاءنا من الركن نحيب الممرضة المكتوم.

واقشعرت أجسادنا من النحيب، وانتفضنا نبذل ما في وسعنا من جرأة اليائس ومقدرته.

وعلا نحيبها، فأصبح كدوي الطبول.

ودفع التومرجي أسطوانة الأكسيجين جانبا، وارتمى فوق عبد القادر وهو ينهنه ويبكي، ويقتلع النفوس ببكائه الرجالي الخشن ويقول: آه يا حبيبي يا خويا.

وأفقت على قول زميلي، والدموع تغص حلقه: البقية في حياتك.

وتسربت إلى نفسي من خلال كلماته تلك اللحظة التي نعرفها جميعا، والتي نحس فيها أننا أوهن من الضعف، وأتفه من العجز، وأننا مضيعون، تلك اللحظة التي لا نملك معها إلا البكاء، فيحملنا البكاء إلى بكاء.

وجال بخاطري أن أعانق زميلي وأضم ما في صدري إلى ما في صدره، وأخفي ما أحس به من خجل إزاء فشلنا أمام الموت، أخفيه فيما يحس به من خجل.

ولم أفعل، وبقينا بلا زمن، راجين، نتأمل الرجل المسجى، وتحز الخسارة في قلوبنا، وأعيننا ثابتة في مكانها لا تغادر وجهه الوديع الذي كان يلمع بالعرق، آخر عرق، وملامحه التي استراحت في هدوء دائم.

Shafi da ba'a sani ba