وينبغى أن نعلم عن أى الأشياء يكون القرع: عن الضارب، أو عن المضروب، أو عنهما جميعا بنوع من الأنواع؟ وإنما القرع حركة شىء يمكنه أن يتحرك حركة واقع على جسم أملس، فبعد صدمه إياه ينبو راجعا عنه. وليس كل ضارب أو مضروب يحدث عن اصطكاكهما قرع: كمثل الإبرة للإبرة. ولكن ينبغى للضارب والمضروب أن يكونا أملسين، لكى ينبو الهواء عنهما فى حد اجتماع منه فيتحرك.
فأما فصول ذوى القرع فانما تعرف من الفعل. وكما أن الألوان لا ترى بغير ضوء، كذلك الثقيل والخفيف لا يعرف بلا قرع. وإنما نقول: خفيف وثقيل فى هذا الموضع باسم عارية من أسماء الأشياء الملموسة. لأن الخفيف الحاد يحرك الحس كثيرا فى زمان قليل، والثقيل يحرك الحس قليلا فى زمان كثير، والثقيل بطىء إلا أن أحدهما من أجل السرعة هذه حركته، والآخر من أجل الإبطاء. هكذا يشبه أن يكون فى القرع شىء معادل لما يدركه حس اللمس من الحاد — وهو الأملس، والكهام والململم. وذلك أن الحاد يفعل سريعا، والململم ينقل فعله؛ فمن أجل أن أحدهما ينفذ فى قليل من الزمان والآخر فى كثير من الزمان يسمى أحدهما سريعا والآخر ثقيلا.
Shafi 50