ولما كانت الأشياء التى تحمل فرادى، بعضها تحمل إذا جمعت حتى يكون المحمول كله واحدا، وبعضها ليس كذلك، فينبغى أن نخبر بالفرق فى ذلك. فإن إنسانا من الناس قد يصدق القول عليه فرادى بأنه حى، وبأنه ذو رجلين؛ ويصدق أيضا أن يقال عليه هذان كشىء واحد. وقد يصدق القول عليه بأنه إنسان وبأنه أبيض؛ ويصدق أيضا أن يقال عليه هذان كشىء واحد. وليس متى كان القول عليه بأنه بصير حقا، والقول عليه بأنه طبيب حقا فواجب أن يكون طبيبا بصيرا. وذلك أنه إن كان لأن كل واحد من القولين حق، فقد يجب أن يكون مجموعها حقا — لزم من ذلك أشياء كثيرة شنعة. وذلك أن قولنا على إنسان من الناس إنه إنسان حق، وقولنا عليه إنه أبيض، فيجب أن يكون القول عليه بذلك كله صادقا أيضا. فإن كان أيضا القول عليه بهذا وحده، أعنى بأنه أبيض، صادقا، فيجب أن يكون القول عليه بذلك أجمع صادقا أيضا حتى يقال عليه بأنه إنسان — أبيض — أبيص ... ، ويمر ذلك بلا نهاية. وقد يقال أيضا عليه بأنه طبيب، وبأنه أبيض، وبأنه يمشى، فقد يجب أن تقال هده عليه مرارا كثيرة بالتركيب بلا نهاية. وأيضا إن كان سقراط هو سقراط، وهو إنسان، فهو سقراط إنسان. وإن كان إنسان وكان ذا رجلين فهو إنسان ذو رجلين. فقد بان من ذلك أن من قال بأن التأليف واجب وجوده على الإطلاق، فقد يلزمه من ذلك أن يقول أشياء شنعة.
فنحن الآن نصف كيف ينبغى أن يوضع فنقول:
إن ما كان من المعانى التى تحمل ومن المعانى التى عليها يقع الحمل إنما يقال على شىء واحد بعينه أو بعضا على بعض بطريق العرض، فإن هذه ليس تصير شيئا واحدا. ومثال ذلك قولنا فى إنسان من الناس إنه أبيض وطبيب. فليس قولنا إنه أبيض وإنه طبيب معنى واحدا، وذلك أنهما جميعا عرضان لحقا شيئا واحدا. وإن كان القول أيضا بأن الأبيض طبيب صادقا، فليس يجب ولا من ذلك أن يكون معنى أنه طبيب ومعنى أنه أبيض معنى واحدا. وذلك أن الطبيب بطريق العرض ما كان أبيض، فيجب من ذلك ألا يكون أنه أبيض وأنه طبيب معنى واحدا. ومن قبل ذلك صار الطبيب ليس بصيرا على الإطلاق، بل هو حى ذو رجلين. وذلك أن هذين ليسا بطريق العرض، ولا ما كان أيضا الواحد منه محصورا فى الآخر. ولذلك كثيرا ما لا يمكن أن يقال أبيض، ولا أن يقال إن الإنسان إنسان حى أو ذو رجلين. وذلك أنا قد حصرنا فى قولنا إنه إنسان انه حى، وأنه ذو رجلين.
Shafi 84