قالوا: وأما ما في بعض الروايات بلفظ: "وأن توطأ" فمِنْ تصرُّف الرواة، ظن الراوي أن النهي عن الجلوس على إطلاقه، فعبر بالوطء؛ لأنه أشد منه.
وقال الجمهور: بل هو ممنوع (^١). واستدلوا بالأحاديث المطلقة، وبحديث أحمد بإسنادٍ صحيح عن عَمْرو بن حزم قال: "رآني رسول الله ﵌ متكئًا على قبر، فقال: لا تؤذِ صاحب هذا القبر، أو لا تؤذه" (^٢).
فأما من لا يقول بحَمْل المطلق على المقيّد، فاستدلاله واضح.
وأما من يقول بالحمل ــ كالشافعية ــ فيجاب من طرفهم بأنَّ حديث أحمد نصٌّ لا يحتمل التقييد؛ لأن الاتكاء لا يكون مع قضاء الحاجة.
وعليه، فيتعين بقاء الأحاديث المطلقة على إطلاقها، كما هو المقرر في المطلق الدائر بين قيدين متضادين. انظر كتب الأصول.
ويجاب عن القياس الذي أشار إليه البخاري: بأن لوضع الجريد حِكْمة خاصة، كما يعلم من الحديث، لا يعلم وجودها في غير الجريد، فلا يتم القياس، ولو فُرِض صحة القياس، فهو مصادم للنص بحديث أحمد.
ويجاب عن الآثار المروية عن بعض الصحابة ﵃: بأنها لا تصلح لمعارضة الدليل الثابت عن رسول الله ﵌، مع أننا لا ننكر أنهم لا يرون ما رأوه إلا متمسكين بدليل، ولكن ليس لنا أن نترك دليلًا قد علمناه وتحققناه، ونأخذ بدليل نظن أنهم ظنوه.