وتخلى عن هذه الخطيئة ، وأنعش من جديد في قلبه جذور الصداقة والاتحاد ، حتى يصبح من الاعضاء الصالحين في المجتمع وينقلب الى جزء هام في عجلة الاسلام والله الهادي الى سبيل الرشاد .
فصل: في علاج هذه الموبقة
اعلم ان معالجة هذه الخطيئة العظيمة وغيرها من الخطايا تكمن في العلم النافع والعمل .
اما العلم النافع فهو ان يفكر الانسان في الآثار الناجعة التي تترتب على معالجة هذه الموبقة ، ويقارنها مع المضاعفات السيئة والآثار الشنيعة التي تترتب على الغيبة ، ثم يعرض كلا الامرين على العقل ويستهديه لما فيه الحسن والخير والصلاح .
ان الانسان لا يعادي نفسه البتة ، ولكنه يجترح السيئات من جراء الجهل والغفلة عن بواعثها ونتائجها . اما الفائدة الموهومة فتترتب على تلك المعصية ، من ارضاء رغباته النفسية في ذكر مساوئ الناس وكشف عوراتهم دقائق محدودة ، ومن تضييع الوقت في ذكر اللطائف اللاذعة والاحاديث الشنيعة المنسجمة مع الطبيعة الحيوانية او الشيطانية ويلهو في جلسته مع اصدقائه ويشفي غيظه ممن يحسدهم .
وأما آثارها الغيبة القبيحة فقد عرفت قسما منها في الفصول السابقة وعليك ان تقف على قسم آخر وتتعظ منه ، وتأخذه بعين الاعتبار لدى المقارنة بين حسنات الكف عن الغيبة بالمعالجة وسيئات الانهماك فيها . وتنجم عن هذا التفكر والمقارنة ، آثار طيبة .
أما آثارها الغيبة الشنيعة في هذا العالم فهو سقوط الانسان من اعين الناس ، وسحب ثقتهم به . ان طبائع الناس مجبولة على حب الكمال والجمال والحسن ، والنفور من كل نقص وقبح وانحطاط . وملخص الحديث ان الناس يفرقون بين من يتجنب ، هتك استار الناس وكشف اعراضهم واسرارهم ، وغيره ، حتى ان الذي يتولى الغيبة يرى في نفسه فطرة وعقلا ، الانسان الذي يكون على حذر من هذه الامور هتك الاستار وكشف الاعراض والاسرار مفضلا على نفسه . واذا تمادى الانسان وتجاوز الحدود ، وهتك اسرار اعراض الناس ، فضحه الله في هذه الدنيا كما صرح بذلك في حديث اسحاق بن عمار المتقدم . ويجب ان يكون على حذر من فضيحة يريدها الله للانسان حيث لا يمكن تداركها .
اعوذ بالله من غضب الحليم . ان من المحتمل ان يفضى هتك حرمات المؤمنين وكشف عوراتهم بالانسان ، الى سوء العاقبة . لأن هذا العمل الشنيع اذا اصبح ملكة راسخة لدى الاربعون حديثا :291
Shafi 290