269

Arba'in Hadisai

الاربعون حديثا

Nau'ikan

الاربعون حديثا :273

فصل:

يستفاد من هذا الحديث الشريف ، ان لذكر الله والتحاب بين الاشخاص في سبيل الله ، خصائص : احداها وهي الاهم ان ذكر العبد لله ، يبعث على ذكر الله لعبده ، كما نطقت بهذا المضمون احاديث اخرى ايضا . ويقابل هذا الذكر النسيان ، الذي قال سبحانه وتعالى عن الناسي في القرآن «كذلك اتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى» (1) .

فكما ان نسيان الآيات والعمى الباطني عن رؤية مظاهر جمال الحق وجلاله يسبب عمى في العالم الآخر ، يكون التذكر للآيات والاسماء والصفات وتذكر الحق سبحانه وجماله وجلاله باعثا على حدة في البصيرة ، وازاحة للحجب ، بقدر قوة التذكر ونورانيته .

هذا وان تذكر آيات الحق سبحانه ، وصيرورته هذا التذكر ملكة راسخة في الانسان يجعل لبصيرته قوة ، يرى من خلال الآيات ، جمال الحق . وان تذكر الاسماء والصفات يبعث على مشاهدة الحق في تجليات اسمائه وصفاته . وان تذكر الذات عز شأنه من دون حجاب الآيات والاسماء والصفات ، يوجب رفع الحجب بأسرها ومشاهدة الحبيب من دون غشاء وحجاب .

ويعتبر هذا التفسير واحدا من التوجيهات والتفسيرات للفتوحات الثلاثة التي هي قرة عين العرفاء والاولياء وهي :

الفتح القريب . الفتح المبين . الفتح المطلق . الذي هو فتح الفتوح .

وكما ان التذكرات الثلاثة المذكورة تزيل الحجب الثلاثة ، كذلك التحاب بين الناس في الله سبب لمحبة الله ، وتكون نتيجته رفع الحجب حسب ما يقوله العرفاء الشامخون .

ومن الواضح ان للتحاب بين الناس مراتب ودرجات ، كما ان للحب في الله من جهة الخلوص والخلو من الشوائب مراتب كثيرة ودرجات عديدة ايضا ، والحب الخالص التام هو الحب المحض الفارغ من شوب كثرات الاسماء والصفات ، وهو الموجب لحصول الحب التام . والمحبوب المطلق في شريعة العشاق ، لا يكون محجوبا عن الوصال ، ولا يبقى بينه وبين محبوبه حجابا .

وبهذا البيان نستطيع ان نوفق بين سؤالي النبي موسى عليه السلام ، لأنه عليه السلام عندما سمع من حضرته تعالى بأنه عز وجل جليس من ذكره ، وسمع من محبوبه ، امنيته من الوعد بالوصال والوصول الى الجمال ، اراد ان يستقصي اهل الوصال حتى ينهض بالمسؤولية الاربعون حديثا :274

Shafi 273