من عباده ، غمرته رحمة الحق المتعالي واقبل على عبده قدر ذراع .
ان مثل الايمان وتوفير بواعث التوفيق ، مثل الانسان قد حمل مصباحا وسلك طريقا مظلما فكلما تقدم خطوة ، اضاء امامه واهتدى للخطوة اللاحقة . فكلما رفع الانسان قدما نحو عالم الآخرة ، اتضح السبيل اكثر ، وغمرته عنايات الحق بصورة اكبر ، وتوفرت عوامل التوجه الى عالم القرب الآخرة والانزعاج عن عالم البعد الدنيا . والعنايات الأزلية للحق المتعالي انما تسع الانبياء والاولياء لعلمه سبحانه الازلي بطاعتهم ايام التكليف .
كما انكم لو علمتم ايام طفولة ولديكم بأن احدهما سيطيعكم ويسعى في تأمين رضاكم وثانيهما يبعث على سخطكم وامتعاضكم ، فمن المعلوم ان ألطافكم ستشمل المطيع اكثر من الثاني منذ الايام الاولى .
ومن فوائد شدة ابتلاء الخواص من العباد ، ان هؤلاء من خلال المحن والمعاناة يذكرون الحق ويناجونه ويتضرعون على اعتباه المقدسة في ساحة ذاته الاقدس ويعيشون مع ذكره وفكره .
ومن الطبيعي ان نوع بني الانسان يتشبث حين الشدة بكل ما يرجو فيه النجاة ، وعند الرخاء والراحة يغفل عنه . ولما كان الخواص من العباد ، لا يعرفون ملجأ الا الحق ، توجهوا نحوه ، وانقطعوا الى مقامه المقدس ، وان الحق المتعال يوفر لهم سبب الانقطاع اليه من خلال عنايته الخاصة بهم .
ولا تستساغ هذه الفائدة من الابتلاء بل الفائدة السابقة ، لدى الانبياء والاولياء الكملين ، لتنزه مقامهم الشامخ عن ذلك ، وعدم انعطاف قلوبهم تجاه الدنيا ، ولا تتبدل في الانقطاع الى الحق من جراء تغير الاحوال .
ويمكن ان يكون ايثار الانبياء والاولياء للفقر على الغنى ، والابتلاء على الراحة ، والمعاناة على غيرها نتيجة انهم وقفوا من خلال النور الباطني والمكاشفات الروحانية على ان الحق المتعالي لا ينظر بعين اللطف الى هذا العالم ولا الى زخارفه ، ولا يكون للدنيا وما فيها موقع امام ساحته المقدسة الا الذل والهوان . والاحاديث الشريفة شاهدة على ذلك . ففي الحديث ان جبرائيل قد نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعه مفاتيح خزائن الارض وقال لو اخترتها لما هبط من درجاتك الاخروية ، شيء ابدا . ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد امتنع عن القبول تواضعا للحق سبحانه ، فاختار الفقر .
وفي الكافي الشريف في حديث بسنده عن الامام الصادق عليه السلام قال : «ان الكافر الاربعون حديثا :233
Shafi 232