216

Arba'in Hadisai

الاربعون حديثا

Nau'ikan

الاربعون حديثا :220

فصل: في الفرق بين الرجاء والغرور

ولكن ايها العزيز كن على حذر ، لئلا تخلط بين الرجاء والغرور . فقد تكون مغترا وتحسب نفسك من اهل الرجاء . ان من السهل التمييز بين الحالين في مباديهما . انظر الى هذه الحال التي فيك والتي تظن نفسك بها بأنك من اهل الرجاء . فهي اما ان تكون ناشئة من التهاون في اوامر الحق سبحانه والتقليل منها ، واما ان تكون ناجمة عن الاعتقاد بسعة رحمة الله وعظمة ذاته المقدسة . واذا عسر عليك التمييز بينهما ايضا ، امكنك التمييز من خلال الآثار . فاذا كان الاحساس بعظمة الله في القلب ، وكان قلب المؤمن محاطا برحمة ذاته المقدسة وعطاياه ، لقام القلب بواجب العبودية والطاعة . لأن تعظيم العظيم المنعم وعبادته من الامور الفطرية التي لا خلاف فيها .

واذا لم تكن في اداء واجبات العبودية ، وفي بذل الجهد والجد في الطاعة والعبادة ، معتمدا على اعمالك ، ولم تحسب لها حسابا ، وكنت آملا رحمة الله وفضله وعطائه ، ووجدت نفسك مستحقا للوم والذم والسخط والغضب بسبب اعمالك ، ولم تعتمد الا على رحمة الجواد المطلق ، فأنت من اهل الرجاء . فاشكر الله تبارك وتعالى ، واطلب من ذاته المقدسة ان يثبت ذلك في قلبك ، ويمنحك اعلى منه مقاما .

اما اذا كنت لا سمح الله متهاونا في اوامر الحق تعالى ومستحقرا ومستهينا لتعاليمه ، فاعلم انه الغرور الحاصل في قلبك وانه من مكائد الشيطان ، ومن نفسك الامارة بالسوء . فلو آمنت بسعة الله ورحمته وعظمته . لظهر اثر ذلك فيك . ان المدعي الذي يخالف عمله دعواه يكذب نفسه بنفسه . والشواهد على هذا في الاحاديث المعتبرة كثيرة .

ففي الكافي باسناده عن ابن ابي نجران ، عمن ذكره ، عن ابي عبد الله عليه السلام قال : « قلت له : قوم يعملون بالمعاصي ويقولون نرجو فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم الموت ، فقال : هؤلاء قوم يترجحون في الاماني . كذبوا ليسوا براجين ، ان من رجا شيئا طلبه ومن خاف من شيء هرب منه» (1) .

وبهذا المضمون رواية اخرى في كتاب الكافي الشريف :

وباسناده عن الحسين بن ابي سارة قال : «سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول : لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون خائفا راجيا ولا يكون خائفا راجيا حتى يكون عاملا لما يخاف ويرجو» (2) .

قال بعضهم : ان مثل من لا يعمل وينتظر رحمة ربه ويرجو رضوانه مثل من يرجو المسبب الاربعون حديثا :221

Shafi 220