Aram Dimashq Da Isra'ila
آرام دمشق وإسرائيل: في التاريخ والتاريخ التوراتي
Nau'ikan
لقد ناقش الباحثون المحافظون في أن الاسم «إسرائيل»، المذكور في نصب مرنفتاح، يشير إلى جماعة سفر الخروج الذين حملهم يشوع إلى فلسطين. ولكن أكثر الباحثين اليوم لا يوافق على هذا الرأي؛ لأنه يحتوي ضمنا أن تكون جماعة إسرائيل الخروج في أواخر القرن الثالث عشر قد توطدت في الأرض، وصار لها كيان سياسي من القوة والحضور في المنطقة بحيث يذكره هذا الفرعون القوي في سجل انتصاراته في بلاد كنعان، وهذا أمر لا يتفق ومعظم ما بناه البحث التاريخي حتى الآن. من هنا، فقد صرف البحث الحديث النظر تماما عن المطابقة بين إسرائيل نصب مرنفتاح وإسرائيل جماعة الخروج ، وطرحت في تفسير النصب عدة فرضيات، سأعرض باختصار إلى أهمها.
يركز الباحث لورانس ستاجر
Lawrence Stager (1985) في دراسته لنصب مرنفتاح على السطرين الأخيرين منه، ويفهم من إيراد الاسم «إسرائيل» في السطر الأول منهما، والاسم «حورو» في السطر الثاني أن الكلمتين قد استعملتا تبادليا. فكلمة حورو، كما هو معروف من النصوص المصرية العائدة لتلك الفترة، تستعمل للدلالة على منطقة سوريا وفلسطين، أو على جزء منها، وقد كتبت في النص هنا وفوقها إشارة تعريف تدل على أنها أرض، أما الاسم إسرائيل فقد كتب وفوقه إشارة تعريف تدل على أنه شعب. ويرى ستاجر أن النص قد أراد الإشارة بكلمة حورو إلى ذلك الجزء من فلسطين الذي شمله غزو مرنفتاح، وهو مناطق أشقلون وجازر ويانوم وغيرها، وأنه أراد الإشارة بكلمة إسرائيل إلى الشعب الساكن في هذه المناطق قبل قدوم جماعة الخروج. ويستعين هذا الباحث بتحليل حديث لمشهد مصور على جدار في معبد الكرنك يمثل إحدى معارك مرنفتاح الآسيوية، ويبرهن صاحب هذا التحليل على أن المشهد يصور معركة مرنفتاح في فلسطين ضد المدعوين في النص بإسرائيل، ويرى بأنهم كنعانيون في زيهم وأسلحتهم.
15
وهناك وجهة نظر جديدة تلقى الآن مزيدا من الدعم، تقدم بها الباحث ماكسويل ميللر
M. Miller (1986)، مفادها أن الاسم «إسرائيل» في نصب مرنفتاح، يشير إلى اتحاد لعدة قبائل كنعانية في الهضاب المركزية، وهي قبائل أفرايم ومنسي وجلعاد وبنيامين. وقد تجمعت هذه القبائل تحت قيادة غير مباشرة لأكبرها المدعوة أفرايم، مشكلة نواة إسرائيل اللاحقة، والتي اتخذت شكلها الإثني والسياسي إبان عصر المملكة الموحدة. ويلاحظ ميللر أن سفر القضاة اللاحق - الذي يقدم لنا تفصيلات أوسع حول مسألة أصول إسرائيل في كنعان - يركز على قبيلة أفرايم والقبائل الثلاثة التي تدور في فلكها. وبما أن نصب مرنفتاح يسبق زمنيا عصر القاضية دبورة، التي استطاعت توسيع الاتحاد القبلي ليشمل عشر قبائل بدل الأربع، وهي القبائل العشر التي بدأ النص التوراتي يطلق عليها اسم إسرائيل، فإن الإشارة في نصب مرنفتاح إلى إسرائيل هي إشارة إلى اتحاد القبائل الأربع المذكورة فقط. وفيما بعد، وعند قيام المملكة الموحدة في المناطق الهضبية من فلسطين بقيادة شاول، ثم داود، فإن الاتحاد القبلي قد توسع ليشمل اثنتي عشرة قبيلة، بما فيها قبيلة يهوذا الجنوبية التي كانت حتى ذلك الوقت خارج الاتحاد الشمالي. هذه القبائل جميعا كانت من أصول ومشارب شتى، وتحمل معتقدات دينية غير متجانسة، وبينها جماعة من الهاربين من أعمال السخرة في مصر، وقد تقاربت مع بعضها تدريجيا، وذابت في بوتقة واحدة ومعتقد ديني واحد. وباختصار ، فإن الباحث يرى أن إسرائيل قد نشأت في كنعان، ولم تأت إليها موحدة من الخارج، وقد استغرقت عملية توحيدها كامل عصر القضاة، الذي يقدر بقرنين من الزمان.
16
ويسير الباحثان
G. Ahlstrom
و
Shafi da ba'a sani ba