Ar-Raheeq Al-Makhtum
الرحيق المختوم
Mai Buga Littafi
دار الهلال
Lambar Fassara
الأولى
Inda aka buga
بيروت (نفس طبعة وترقيم دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع)
Nau'ikan
يشده شدا ثم يضربه بالعصا، وكان يلجئه إلى الجلوس في حر الشمس، كما كان يكرهه على الجوع، وأشد من ذلك كله أنه كان يخرجه إذا حميت الظهيرة فيطرحه في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول: لا والله لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد، وتعبد اللات والعزى. فيقول: - وهو في ذلك- أحد، أحد، حتى مر به أبو بكر يوما وهم يصنعون ذلك به فاشتراه بغلام أسود، وقيل بسبع أواق أو بخمس من الفضة وأعتقه «١» .
وكان عمار بن ياسر ﵁ مولى لبني مخزوم، أسلم هو وأبوه وأمه، فكان المشركون- وعلى رأسهم أبو جهل- يخرجونهم إلى الأبطح إذا حميت الرمضاء، فيعذبونهم بحرها. ومر بهم النبي ﷺ وهم يعذبون فقال: صبرا آل ياسر! فإن موعدكم الجنة، فمات ياسر في العذاب، وطعن أبو جهل سمية- أم عمار- في قبلها بحربة فماتت، وهي أول شهيدة في الإسلام، وشددوا العذاب على عمار بالحر تارة، وبوضع الصخر أحمر على صدره أخرى، وبالتغريق أخرى. وقالوا: لا نتركك حتى تسب محمدا، أو تقول: في اللات والعزى خيرا، فوافقهم على ذلك مكرها، وجاء باكيا معتذرا إلى النبي ﷺ، فأنزل الله مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ الآية: [النحل:
١٠٦] «٢» .
وكان أبو فكيهة- واسمه أفلح- مولى لبني عبد الدار، فكانوا يشدون برجله الحبل، ثم يجرونه على الأرض «٣» .
وكان خباب بن الأرت مولى لأم أنمار بنت سباع الخزاعية، فكان المشركون يذيقونه أنواعا من التنكيل، يأخذون بشعر رأسه فيجذبونه جذبا، ويلوون عنقه تلوية عنيفة وأضجعوه مرات عديدة على فحام ملتهبة، ثم وضعوا عليه حجرا؛ حتى لا يستطيع أن يقوم «٤» .
وكانت زنيرة والنهدية وابنتها وأم عبيس إماء أسلمن، وكان المشركون يسومونهن من
_________
(١) رحمة للعالمين ١/ ٥٧، تلقيح الفهوم ص ٦١، ابن هشام ١/ ٣١٧، ٣١٨.
(٢) ابن هشام ١/ ٣١٩، ٣٢٠، فقه السيرة لمحمد الغزالي ص ٨٢ وروى بعض ذلك العوفي عن ابن عباس، انظر مختصر السيرة للشيخ عبد الله ص ٩٢.
(٣) رحمة للعالمين ١/ ٥٧، من إعجاز التنزيل ص ٥٣.
(٤) نفس المصدر ١/ ٥٧، تلقيح فهوم أهل الأثر ص ٦٠.
1 / 79