239

Ar-Raheeq Al-Makhtum

الرحيق المختوم

Mai Buga Littafi

دار الهلال

Lambar Fassara

الأولى

Inda aka buga

بيروت (نفس طبعة وترقيم دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع)

Nau'ikan

وفرصة ذهبية بالنسبة إلى المشركين، ولم يتوان المشركون في انتهاز تلك الفرصة، فقد ركزوا حملتهم على النبي ﷺ وطمعوا في القضاء عليه، رماه عتبة بن أبي وقاص بالحجارة فوقع لشقه، وأصيبت رباعيته اليمنى السفلى، وكلمات شفته السفلى، وتقدم إليه عبد الله بن شهاب الزهري، فشجه في جبهته، وجاء فارس عنيد هو عبد الله بن قمئة فضرب على عاتقه بالسيف ضربة عنيفة، شكا لأجلها أكثر من شهر، إلا أنه لم يتمكن من هتك الدرعين، ثم ضرب على وجنته ﷺ ضربة أخرى عنيفة كالأولى، حتى دخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته، وقال: خذها وأنا ابن قمئة. فقال رسول الله ﷺ له وهو يمسح الدم عن وجهه:
«أقمأك الله» «١» .
وفي الصحيح أنه ﷺ كسرت رباعيته، وشج في رأسه، فجعل يسلت الدم عنه ويقول: كيف يفلح قوم شجوا وجه نبيهم، وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى الله، فأنزل الله ﷿: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ «٢» .
وفي رواية الطبراني أنه قال يومئذ: إشتد غضب الله على قوم دموا وجه رسوله، ثم مكث ساعة ثم قال: اللهم إغفر لقومي فإنهم لا يعلمون «٣» . وكذا في صحيح مسلم أنه كان يقول: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون «٤»، وفي الشفاء للقاضي عياض أنه قال: اللهم إهد قومي فإنهم لا يعلمون «٥» .
ولا شك أن المشركين كانوا يهدفون القضاء على حياة رسول الله ﷺ، إلا أن القرشيين سعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله قاما ببطولة نادرة، وقاتلا ببسالة منقطعة النظير، حتى لم يتركا- وهما اثنان فحسب- سبيلا إلى نجاح المشركين في هدفهم، وكان من أمهر رماة العرب، فتناضلا حتى أجهضا مفرزة المشركين عن رسول الله ﷺ.
فأما سعد بن أبي وقاص، فقد نثل له رسول الله ﷺ كنانته، وقال: إرم فداك أبي

(١) وقد سمع الله دعاء رسوله ﷺ، فعن ابن عائذ أن ابن قمئة «انصرف إلى أهله، فخرج إلى غنمه، فوافاها على ذروة جبل، فدخل فيها، فشد عليه تيسها فنطحه نطحة أرداه من شاهق الجبل فتقطع (فتح الباري ٧/ ٣٧٣) وعند الطبراني فسلط الله عليه تيس جبل، فلم يزل ينطحه حتى قطعه قطعة قطعة (فتح الباري ٧/ ٣٦٦) .
(٢) صحيح البخاري ٢/ ٥٨٢، وصحيح مسلم ٢/ ١٠٨.
(٣) فتح الباري ٧/ ٣٧٣.
(٤) صحيح مسلم باب غزوة أحد ٢/ ١٠٨.
(٥) كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى ١/ ٨١.

1 / 243