Aqbat Da Musulmai

Jaques Tajir d. 1371 AH
74

Aqbat Da Musulmai

أقباط ومسلمون: منذ الفتح العربي إلى عام ١٩٢٢م

Nau'ikan

4

وقد استفاد الرهبان بطبيعة الحال من هذه العناية ولما تقدموا إلى ابن طولون بالشكوى من ثقل الجزية المفروضة عليهم، منحهم بعض الامتيازات، ثم كف أيدي رجاله عنهم، ويحكى أن ضابطا سلب من راهب، بطريق التهديد، خمسمائة دينار، فاشتكى الراهب أمره إلى الوالي، فأمره بإعادة المبلغ إليه.

5

وكان ابن طولون لا يأنف من إلحاق بعض الجنود المرتزقة من اليونانيين بجيشه، ولا يستنكف إذا ما أصيب بمرض عضال، أن يطلب من أفراد شعبه على اختلاف أديانهم الابتهال إلى الله ليمن عليه بالشفاء، ويقول والمؤرخ البلوي في هذا الصدد: «لما رأى ابن طولون اشتداد العلة، أحضر خواصه وقال لهم: استهدوا لنا الدعاء من الناس كافة وسلوهم الخروج إلى الجبل والتضرع إلى الله جل اسمه بالمسألة له في عافيته لنا، فشاع هذا القول منه في الناس، فخرج المسلمون بالمصاحف إلى سفح الجبل وتضرعوا إلى الله في أمره بنيات خالصة لمحبتهم له ... فلما رأى اليهود والنصارى ذلك من المسلمين، خرج الفريقان، النصارى معهم الإنجيل، واليهود معهم التوراة ... وارتفعت لهم ضجة عظيمة هائلة حتى سمعها في قصره، فبكى لذلك.».

6

وقد زاد هذا العطف في عهد خمارويه الذي أراد، عندما جلس على أريكة الحكم، أن يصحح خطأ والده، وكان البطريرك القبطي ميخائيل، عندما توفي ابن طولون، لا يزال سجينا لوشاية من بعض أفراد الطائفة القبطية نتيجة إقالة البطريرك أسقف اسمه «سقا» لسوء سلوكه وخروجه على النظم الكنسية، فحقد الأسقف على رئيسه وأراد أن ينتقم منه فاتهمه بأنه يملك ثروة طائلة، وكان ابن طولون في ذلك الوقت يعد حملته على سوريا، ولما كانت خزانته خالية من المال، فقد استدعى هذا البطريرك، وأمره بأن يودع ما عنده من الكنوز في خزينة الدولة، محتجا بأن الرهبان النصارى لا يجوز لهم إلا الاحتفاظ بالمال الذي يقوم أودهم ويستر عوراتهم طبقا لشريعتهم، كما أكد له ذلك الأسقف «سقا»، وحاول البطريرك عبثا أن يبرهن على افتراء الأسقف فيما ادعاه، ولكن ابن طولون زجه في سجن ضيق ظل فيه سنة كاملة، وتمكن يوحنا وإبراهيم بن موسى كاتما سر ابن طولون من إطلاق سراح البطريرك تحت ضمانتهما، على أن يدفع النصارى التابعين له مبلغا كبيرا من المال، فاضطر البطريرك إلى توقيع سند عليه بعشرين ألف دينار، تعهد بسدادها على دفعتين، ولكنه لم يستطع دفع القسط الأول إلا بصعوبة، وبعد أن قام بعقد القروض وبيع الأراضي التابعة للكنيسة؛

7

ذلك لأن المبالغ التي فرضها البطريرك لهذه المناسبة على كل نصراني كانت بعيدة من أن تفي بالمطلوب، ولما كان البطريرك في حالة لا تسمح له بدفع ما تعهد به، فقد أعيد إلى السجن بعد أن اعتكف في دير القديسة مريم، بالقرب من قصر الشمع في ضواحي الفسطاط، وظل في السجن إلى أن توفي ابن طولون، ولما تولى خماروية الحكم، أمر بإطلاق سراح البطريرك من السجن وأعفاه من التزاماته.

وحذا خمارويه حذو أبيه بزياراته لدير القصير التابع للملكيين وأمر ببناء منظرة فيه، ويقول أبو صالح الأرمني:

8

Shafi da ba'a sani ba