Aqbat Da Musulmai
أقباط ومسلمون: منذ الفتح العربي إلى عام ١٩٢٢م
Nau'ikan
33
وليس بمستغرب أن يغترف عمرو المال، وهو العربي البدوي الذي وجد نفسه بين عشية وضحاها أمام ثروة كبيرة، ثم إن المؤرخين العرب لم يفندوا هذه التهمة، التي وجهت إليه بل نقل إلينا بعضهم أن الخليفة استجوب أحد أقباط مصر عن خراجها قبل الإسلام، فقال القبطي: «يا أمير المؤمنين، كان لا يؤخذ منها شيء إلا بعد عمارتها وعاملك لا ينظر إلى العمارة إنما يأخذ ما ظهر له كأنه لا يريد إلا لعام واحد».
34
وإذا تركنا هذه التهمة جانبا، ألقينا عمرا يريد المحافظة على ثروة البلاد والحيلولة بين الشعب وطمع الحكام، ويجمل بنا أن نورد الرد المفعم الذي أجاب به عمرو على الخليفة عثمان، فقد حدد عمرو الضرائب باثني عشر مليونا من الدينارات، بينما رفعها عبد الله بن سعد إلى أربعة عشر مليونا، فقال عثمان لعمرو: «يا أبا عبد الله، درت اللقحة بأكثر من درها الأول.»، قال عمرو: «أضررتم بولدها».
35
وإلى جانب إهماله مسألة الجزية، فإن عمرا لم يهتم بتعليمات عمر الخاصة بمظهر الذميين على الرغم من إلحاح بعض الأشخاص لوضع هذه التعليمات موضع التنفيذ، نعم إن عمرا أصدر أوامر تقضي بعدم إظهار الصلبان «ولكن بطل العمل بهذا الأمر، وقد عاد النصارى إلى عمل الصلبان في أفراحهم ومآتمهم، أما في حمص ودمشق، فلم يصرح لهم أبدا بذلك منذ أن نصت شروط عمر على هذا الحرمان»،
36
وأخيرا، صرح عمرو للأقباط بالإقامة في مدينة الفسطاط.
لقد أوجد هذا التسامح سوابق خطيرة بالنسبة للعرب، غير أن الأقباط استفادوا كثيرا منه، ويرجع الفضل، دون شك، إلى موقف عمرو الذي كان يبغي من وراء ذلك أن يصبح حاكم مصر المطلق، وأخيرا أراد أن يجعل الإسكندرية حاضرته بحجة أن المساكن التي تركها اليونانيون تصلح لإيواء جيش الاحتلال، ولما رفض عمر أن يصرح له بالإقامة حيث كان يريد، صدع عمرو للأمر وعاد إلى الفسطاط.
ولما تولى علي بن أبي طالب الخلافة وانقسم العالم الإسلامي إلى معسكرين متخاصمين، حكم عمرو مصر باسم معاوية، إلا أنه اشترط عليه، إزاء هذه الخدمة العظيمة، أن يتعهد له بتركه واليا على مصر طوال حياته، ومن الواضح أن عمرا كان يتحين الفرص ليعلن استقلاله، وينادي بنفسه أول خليفة على مصر بعد أن يفصلها تماما عن بقية الإمبراطورية، العربية. (3) الولاة يتبعون سياسة أساسها المنفعة
Shafi da ba'a sani ba