Aqbat Da Musulmai
أقباط ومسلمون: منذ الفتح العربي إلى عام ١٩٢٢م
Nau'ikan
ومهما كان من الأمر، فإن المفاوضات استغرقت وقتا طويلا، ويقول ابن عبد الحكم وابن بطريق في هذا الصدد: إن قائد الحصن حاول الحصول على صلح بأحسن شروط ممكنة، فخاطب العرب قائلا: «إنكم قوم قد ولجتم في بلادنا وألححتم على قتالنا، وطال مقامكم في أرضنا دائما، وإنما أنتم عصبة يسيرة وقد أظلتكم الروم وجهزوا إليكم ومعهم من العدة والسلاح، وقد أحاط بكم هذا النيل، وإنما أنتم أسارى في أيدينا، فابعثوا إلينا رجلا منكم نسمع من كلامكم، فلعله أن يأتي الأمر فيما بيننا وبينكم على ما تحبون ونحب وينقطع عنا وعنكم هذا القتال قبل أن تغشاكم جموع الروم.».
59
ولكن العرب لم ينخدعوا بهذا الكلام، فأرسل إليهم عمرو من يقول لهم: «ليس بيني وبينكم إلا إحدى ثلاث خصال؛ إما أن دخلتم في الإسلام فكنتم إخواننا وكان لكم ما لنا، وإن أبيتم فأعطيتم الجزية عن يد وأنتم صاغرون، وإما أن جاهدناكم بالصبر والقتال حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين.».
ثم جاء عبادة، أحد المتفاوضين، فأضاف إلى العرض الثاني ما يلي: «إن أبيتم إلا الجزية، فأدوا إلينا الجزية عن يد وأنتم صاغرون، نعاملكم على شيء نرضى به نحن، وأنتم في كل عام أبدا ما بقينا وبقيتم ونقاتل عنكم من ناوأكم وعرض لكم في شيء من أرضكم ودمائكم، وأموالكم، ونقوم بذلك عنكم إن كنتم في ذمتنا وكان لكم به عهد علينا.».
60
ويقول لنا المؤرخون المسلمون: إن الأقباط تلقوا هذه العروض بفتور، إن لم يكن بالامتعاض بالرغم من أنهم كانوا يشعرون بأنهم خسروا المعركة، ويقول ابن عبد الحكم: إن الذين كانوا في حاشية المقوقس أجابوه: «أويرضى أحد بهذا الذل؟ أما ما أرادوا من دخولنا في دينهم، فهذا ما لا يكون أبدا، أن نترك دين المسيح ابن مريم وندخل في دين غيره لا نعرفه، وأما أن أرادوا أن يسبونا ويجعلونا عبيدا، فالموت أيسر من ذلك، لو رضوا منا أن نضعف لهم ما أعطيناهم مرارا، كان أهون علينا.».
61
وقد حاول المقوقس أن يعقلهم قائلا: «إذا أخبركم، أما دخولكم في غير دينكم، فلا آمركم به، وأما قتالهم، فأنا أعلم أنكم لن تقروا عليهم ولن تصبروا صبرهم ولا بد من الثالثة.»، قالوا: «أفنكون لهم عبيدا أبدا؟».
قال: «نعم تكونون عبيدا مسلطين في بلادكم، آمنين على أنفسكم وأموالكم وذراريكم، خير لكم من أن تموتوا عن آخركم وتكونوا عبيدا تباعوا وتمزقوا في البلاد، مستعبدين أبدا، أنتم وأهلوكم وذراريكم.»، ولكنهم قالوا: «الموت أهون علينا.».
62
Shafi da ba'a sani ba