Aqbat Da Musulmai
أقباط ومسلمون: منذ الفتح العربي إلى عام ١٩٢٢م
Nau'ikan
إن عثمان بن عفان دخل بعد ذلك عند عمر، فأخبره عمر بزحف عمرو نحو مصر، ويقال: إن عثمان عقب على هذا الخبر قائلا: «يا أمير المؤمنين، إن عمرو لمجرؤ وفيه إقدام وحب للإمارة، فأخشى أن يخرج في غير ثقة ولا جماعة، فيعرض المسلمين للهلكة رجاء فرصة لا يدري تكون أم لا.»، فندم عمر بن الخطاب على كتابه إلى عمرو إشفاقا مما قال عثمان، فكتب إليه: «إن أدركك كتابي قبل أن تدخل مصر، فارجع إلى موضعك، وإن كنت دخلت، فامض لوجهك.».
13
وذكر السواد الأعظم من مؤرخي العرب كيف تسلم عمرو الرسالة التي تلقاها من عمر، وقالوا: إن عمرا لم يفضها إلا بعد أن وطأ بقدميه أرض مصر خوفا من أن تكون الرسالة متضمنة إلغاء الأمر بالزحف.
إن كانت هذه الوقائع صحيحة، فهي تدل على أن العرب عندما احتكوا بالعالم الخارجي أخذوا يعملون على التوفيق بين مبادئهم الدينية وغاياتهم العسكرية والاقتصادية، وأن حروب الجهاد لم تعد سببا للفتح، بل أصبحت نتيجة له، وسوف نرى، عند التحدث عن الإدارة العربية، أن الحكام كانوا يهدفون إلى النفع المادي بجانب حض الشعوب المغلوبة على اعتناق الإسلام. (1-4) التفوق العنصري عند العرب
وهناك نقطة ثالثة يجدر بنا توضيحها لنفهم مغزى الحوادث التي أعقبت فتح مصر، وهذه النقطة هي شعور العرب بتفوقهم العنصري بالنسبة للشعوب المغلوبة، كان عرب الجزيرة شديدي التعصب لأصلهم، وكانوا يمنعون الأجانب من الانتساب إلى قبائلهم، ويقول المستشرق «بولياك»
في دراسة له، دعمها بالحجج القوية وبأسانيد أبي يوسف الفقيه: «إن الإقامة في شبه جزيرة العرب والتفوه باللغة العربية لم يكونا كافيين لاعتبار القاطنين فيها عربا إذا كانوا من المهاجرين، حتى لو كانت هجرتهم ترجع إلى عدة قرون، كما أن العربي الأصيل، من ناحية، لم يفقد جنسيته بعد إقامته في بلد أجنبي، حتى لو طالت إقامته عدة قرون .»،
14
ويقول المستشرق بعد ذلك: «إن كلمة «عربي» لم يكن يراد بها المعنى الوطني كما هو منصوص عليها الآن؛ ذلك لأن العرب كانوا يجهلون ما هو التجنس وما هو فقدان الجنسية، وكان المسلم الذي عاش قبل الثورة العباسية،
15
يعتبر العرب قبيلة اجتماعية متوارثة تضمن لأعضائها بعض الامتيازات بقدر ما تقيدهم به من واجبات، ولم يكن الأصل سببا لوحدتها، بل كان الموطن الواحد (أي: جزيرة العرب) سبب هذه الثورة.».
Shafi da ba'a sani ba